[ 297 ] صدور الأسانيد وهم علي بن محمد المعروف بعلان وعلي بن محمد المعروف أبوه بما جيلويه، وعلي بن إبراهيم بن هاشم لم يرووا عن أبي هاشم الجعفري من غير واسطة (قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا العقل والأدب فقال: يا أبا هاشم العقل حباء من الله والأدب كلفة فمن تكلف الأدب قدر عليه. ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا) الحباء بالكسر العطاء، يقال: حباه حبوة أي أعطاه وفي المغرب الأدب أدب النفس والدرس وقد أدب فهو أديب، وأدبه غيره فأدب وتركيبه يدل على الجمع، والدعاء ومنه الأدب لأنه يأدب الناس إلى المحامد أي يدعوهم إليها (1). وقيل: الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضايل، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " الآداب حلل مجددة " (2) يعني كما أن الشخص يتزين بالحلل كذلك يتزين بالاداب مثل العلم وما يتبعه من حسن المجاورة والمعاشرة وأمثالها، وقال بعض أهل المعرفة: للأدب شعب كثيرة فلذا قال بعضهم: هو ما يتولد من صفاء القلب وحضوره، وقال بعضهم: هو مجالسة الخلق على بساط الصدق ومطالعة الحقايق بقطع العلايق، وقال بعضهم: هو وضع الأشياء موضعها، وقال بعضهم: أدب اللسان ترك ما لا يعنيه، وإن كان صدقا فكيف الكذب، وأدب النفس معرفة الخير والحرص عليه ومعرفة الشر والانزجار عنه، وأدب القلب معرفة حقوق الله تعالى والاعراض عن الخطرات المذمومة، والكلفة ما يتكلفه الإنسان من المشاق ويتجشمه يعني أن العقل عطية من الله تعالى وغريزة في الإنسان وجوهر رباني خلقه وجعل نوره في القلب الهداية إلى خير الدنيا والآخرة وليس للعبدة قدرة على اكتساب ذلك الجوهر لنفسه كما أنه ليس ذلك في وسع المجانين وساير الحيوانات الفاقدة له فمن تكلف في تحصيله وتجشم في اكتسابه كان سعيه عبثا، ومع ذلك يزداد به جهله حيث اعتقد أنه عاقل لما لا يليق به ولا يقدر على فعله وارتكب ما يفضى إلى الدور، نعم الآداب التي يرشده العقل إليها ويدله عليها وهي من توابع حركاته وسكناته الموافقة لقانون الشرع والعرف داخلة تحت قدرته فله السعي في اقتنائها والاجتهاد في اكتسابها ليرتقي من حضيض النقص إلى أوج الكمال، فإن قلت لا شبهة في أن أصل العقل منه تعالى فهل درجاته السنية ومراتبه العلية التي تحصل بكثرة التجارب والمعارف واقتراف العلوم والحقايق واكتساب الآداب والفضايل منه تعالى أو من العبد (3) ؟ قلت: النظر إلى ظاهر هذا الحديث وظاهر ما مر " ولا أكملتك إلا فيمن أحب " وظاهر قوله " إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم ________________________________________ 1 - تقدم تحقيقه ص 243. 2 - النهج أبواب الحكم تحت رقم 4. 3 - احتمال كونه من العبد ساقط من أصله مبنى على اعتقاد العوام من أن بعض الاشياء بفعل الله وبعضها بفعل غيره وينسبون إلى الله ما لا يجدون له سببا (ش). (*) ________________________________________