[ 295 ] على الموالي. وبخلوص سريرته أن الأماني آفة تعمي أعين البصاير التي في الصدور حتى لا ترى وخامة عواقب الامور فيحصل له همة صادقة تبعثه على فطام النفس عن الشهوات ونزع القلب عن أيدي الأماني والشبهات وصرف النظر عن الخلق والرجوع بالكلية إلى الحق (وتستعلقها الخدايع) بالعين المهملة والقاف يقال: علق الشئ بالشئ تعليقا فتعلق به وعلق بابا على داره إذا نصبه وركبه وعلق بالشئ بكسر اللام بمعنى تعلق واستعلق هنا بمعنى علق بالكسر لا لمجرد الطلب إلا أن فيه مبالغة لأن الواقع مع الطلب أشد وأقوى، وخدعه ويخدعه خدعا أي ختله وأراد به المكروه والضرر من حيث لا يعلم والاسم منه الخديعة وجمعها الخدايع ومعناه بالبفارسية (ميچسبد بقلب جاهل خديعه ومكر) وهذا يحتمل وجهين أحدهما أن الجاهل شأنه أن يخدع غيره ويمكر به ويريد إيصال المكروه والضرر إليه لغرض من الأغراض الفاسدة كما قال سبحانه في وصف المنافقين * (يخادعون الله) * أي يخادعون أولياءه وثانيهما أن شأنه الانخداع وقبول الخديعة والمكر من الخادعين الماكرين كثيرا سريعا لقلة عقله وضعف بصيرته وسوء تدبيره في عاقبة أمره، وأما العاقل فله عينان في الظاهر وعينان في الباطن وبذلك ينتظم حاله ظاهرا وباطنا لا يخدع غيره تحرزا عن صفات المنافقين ولا ينخدع من غيره كثيرا كما هو شأن المؤمنين قال (صلى الله عليه وآله): " المؤمن لا يلدغ من حجر مرتين " (1) قيل في بعض النسخ " تستلقها " بالقافين أي تجعلها الخدايع منزعجة منقطعة عن مكانها. وفي بعضها بالغين المعجمة من استغلقني في بيعة أي لم يجعل لي خيارا في رده. * الأصل: 17 - " علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا ". * الشرح: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبيد الله الدهقان، عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد) مشترك بين رجلين أحدهما مستقيم من رجال الصادق (عليه السلام) والآخر واقفي من رجال الكاظم (عليه السلام) (قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا) العقل نور رباني يفرق بين الحق والباطل ويستبان به المعارف والعواقب ويترك به الذمايم والقبايح، ويتبعه قوة الالتفات إلى جميع المحاسن والفضايل التي منها حسن الخلق، واختلف العلماء في تعريفه فقيل هو بسط الوجه وكف الأذى وبذل الندى وقيل: هو أن لا يظلم صاحبه ولا يمنع ولا يجفو أحدا وإن ظلم غفر، وإن منع شكر، وإن ابتلي صبر، وقيل: هو صدق التحمل وترك التجمل، وحب الآخرة ________________________________________ 1 - رواه احمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة في سننه تحت رقم 3983. (*) ________________________________________