[ 415 ] إستدراك قد تكرر في ما مضى ذكر القلب مرادا به النفس الناطقة إقتباسا من القرآن الكريم * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " أي من نفسين حتى يكون بأحدهما ابنا لواحد وبالآخر ابنا لآخر، أو بأحدهما زوجة وبالاخر أما كما في الظهار وتكرار أيضا في كلام الشارح الإشارة إلى تجرد النفس وهو أهم مبادئ عليم الأخلاق مثل قوله " القلب من عالم القدس " في الصفحة 361 والقلب في إصطلاح علماء الأخلاق هو القوة العاقلة والنفس الناطقة والمراد بكونه من عالم القدر تجرده، فرأينا من أوجب ما علينا بيان هذا المقصد المهم ولا يخفي أن كثيرا مما نرى في خواص النفوس وآثارها تدل على وجود جوهري مستقل عن البدن وأن الأعضاء آلات يحتاج إليها في العمل ويفقد العمل بفقد الالات وكذلك الحواس الظاهرة آلات لا ينعدم صاحب آلالات بفقد إنها والعاقلة لا تحتاج في إدراكها إلى آلة حتى ينعدم التعقل بانعدامها ولو كانت العاقلة أيضا بآلة مع فقد سائر المشاعر. وقال بعض حكمائنا أن الحافظة للصور المثالية ألتي سموها الخيال أيضا غير آلية لا تفنى بفناء الدماغ، وإحتجوا على عدم إحتياج العاقلة إلى الدماغ وعدم حلول الصور المعقولة فيه بوجوه: الأول أن الصورة العقلية غير منقسمة ولو كانت منقسمة لأنتهى إلى أجزاء غير منقسمة وغير المنقسم لا يحل في جسم منقسم. الثاني أن القوة الحالة في الالة لا تشعر بنفسها كالباصرة لاتبصر العين والعقل يشعر بذاته. الثالث أن العقل يدرك المعقولات ولا يثقل عليه حملها وأن كثرت ولا يكل ويتعقل جميعها متساوية في الوضوح والقوى الحاسة الجسمانية كالبصر يكل ولا يبصر الضغيف بعد إدراك النور القوى إلا بعد إستراحة ما ولا يشم الأنف الرائحة الضعيفة أثر القوية لشده تأثره بالقوية وكلاله. ولا يكل العالم إلا عند التفكر لتحصيل المعلومات في المرة الاولى لأن الفكر من المتخلية الثابتة في الدماغ وأما بعد تعقل المعقولات فلا يكل بإستمرار التعقل كالبصر. الرابع أن العقل لا يضمحل بالشيخوخة وضعف الأعضاء وإنما يضعف الفكر والقدرة على تحصيل ما لم يحصله والعمل بما عليم الضعف الالة وأما نفس التعقل فهو ثابت باق ويدرك حكما بعد حكم من غير أن يعجز، ومن زعم أن الشيخ يضعف عقله بتقدم السن إشتبه عليه الفكر بالتعقل أو ما يتوقف من العلوم على معونة الحواس بما لايتقوقف عليها والطبيب إذ شاخ وضعف يستشار ولا يعالج باليد لضعف يده، ولا يميز المرض لغعف عينه وإذنه ولا يزيد علمه لغعف فكره وحافظته، وهذه كلها غير التعقل ومعنى قوله * (لكيلا يعلم بعد علم شيئا يؤول على هذا. الخامس أن عدم كون الإدراك من صفات الجسم بديهي والتشكيك فيه يساوق التشكيك في سائر الامور البديهية ________________________________________