[ 387 ] على زجر وتخويف وحمل على طاعة الله بلفظ يرق له القلب والإسم الموعظة والوصية بالشئ الأمر به وعليه قوله تعالى * (يوصيكم الله في أولادكم " أي يأمركم وقوله " من لا تحل معصيته " بدل أو وصف للجلالة (فإن من إتقى) الظاهر أنه علة لقوله " اوصيك " يعني أمرتك بالتقوى فإن من إتقى الله وإجتنب عن معصية وتنزه عما يشغل عنه (عز) بعزة ربانية لأذل معها. (وقوى) بقوة روحانيه لأضعف فيها (وشبع) بحكمة إلهية لأجل معها. (وروى) بزلال أسرار غيبية وألطاف لا هوتية لا يحتاج معها إلى غيرها (و) لذلك (رفع عقله عن أهل الدنيا) حيث أن عقولهم عكفت كالذباب على ميتة الدنيا وعقله سائر في الملاء الأعلى (فبدنه مع أهل الدنيا) لكون من جنس أبدانهم في الصورة الجسدانية. (وقلبه وعقله معاين الاخرة) لتجرده عن العلائق الجسمانية. (فاطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه) من حب الدنيا، الاطفاء اخماد النار حتى لايبفى منها شئ وضوء القلب عبارة عن صورة العلمية المايزة بين الحق والباطل والحسن والقبح، وفي عدحب الدنيا مبصرا مسامحة، وتشبيهه بالنار في الإحراق والاهلاك إستعارة مكنية ونسبة الاطفاء إليه تخلييلية. (فقذر حرامها) القذر الوسخ وهو مصدر قذر الشئ فهو قذر من باب تعب إذا لم يكن نظيفا، وقذرته من باب تعب أيضا وإتسقذرته وتقذرته كرهته لوسخ فأقذرته بالالف وجدته كذلك وكثيرا ما يطلق على النجس وهو المراد هنا. (وجانب شبهاتها) وهي المشتبهات بالحرام مع عدم العلم بأنها حرام كأموال الظلمة الاخذين لأموال الناس ظلما (وأضرو الله بالحلال الصافي) وهو الحلال الخالص من الحرام قطعا (إلا ما لا بد له) وهو أقل المعيشة الذي لا يمكن الوجود والبقاء والطاعة بدونه (من كسرة يشد بها) صلبه الكسرة باكسرة القطعة من الشئ المكسور ومنه الكسر من الخبز المتخذ من دقيق الحنطة والشعير أو غيرهما والجمع كسر مثل سدرة وسدر. (وثوب يواري به عورته من أغلظ ما يجد وأخشنه) حض العوره بالذكر لأنها أهم بالمواراة وإلا فلا بد من ثوب يواري به سائر البدن عند الإحتياج إليه لحفظ الحر والبرد (ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء) نفي الثقة والإعتماد فيما لا بد منه عند كونه حاصلا ونفي الرجاء عند عدم كوهنه حاصلا. (فوقعت ثقته) عند الحصول (ورجاؤه) عند عدمه (على خالق الأشياء) هذا غاية الزهد والتوكل حيث قطع تعلقه بالوسائط والأسباب وخص تعلقه برب الأرباب. (فجد وإجتهد) أي فجد في السير إليه والعمل له وإجتهد في تهذيب الظاهر والباطن مما يمنع ________________________________________