[ 385 ] أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: فيما ناجي الله عز وجل به موسى (عليه السلام) يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من إتخذها أبا واما موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذا لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها، يا موسى نافس في الخير أهله وإستبقهم إليه، فإن الخير كاسمه واترك من الدنيا ما بك الغني عنه ولا تنظر عينك إلى كل مفتون بها وموكل إلى نفسه، وأعلم أن كل فتنة بدؤها حب الدنيا ولا تغبط أحدا بكثرة المال فإن مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه، حتى تعلم أن الله راض عنه ولا تغبطن مخلوقا بطاعة الناس له، فإن طاعة الناس له، وأتباعهم إياه على غير الحق هلاك له ولمن إتبعه. * الشرح قوله (يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين) أريد بالظالمين أهل الدنيا مثل سلاطين الجور وأتباعهم ومن يحذو حذوهم في الركون إليها. (وركون من إتخذها أبا واما) شبه الدنيا بالاب والام وأهلها بالأطفان في الركون إليها والانس بها (يا موسى لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها) أراد بالنظر لها نظر ميل وإرادة وأما النظر إليها نظر تفكر وعبرة فهو يوجب الإعراض عنها. (يا موسى نافس في الخير أهله) نافست في الشئ منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه على وجه المبارات والمغالبة (وإترك من الدنيا ما بك الغني عنه) أما ما لا غني عنه من الضروريات اللائقة شرعا وعقلا فلا ينبغى تركه (ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه حتى تعلم أن الله راضي عنه) دل على عدم جواز الغبطة في أمر الدنيا الغير الضروري وعلى جوازها في أمر الدين والغبطة أن تتمنى حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه. * الأصل 22 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في كتاب علي صلوات الله عليه: إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع، يحذرها الرجل العاقل ويهوى إليها الصبي الجاهل. * الشرح قوله (إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع) أي القاتل وهو من صيغ التعجب وفيه إشارة إلى وجه التشبيه وهو أما متعدد أو مركب من متعدد وعلى التقديرين في المشبه به حسى وفي المشبه عقلي والغرض من هذا التشبيه أما بيان حال المشبه وصفته أو تقبيحه في نظر السامع لبتنفر طبعه عنها وهما إنما يقتضيان أن يكون المشبه به أعرف وأشهر في وجه ________________________________________