[ 382 ] زمانها بقوله (أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم) التشبيه بالضيف في قلة الإقامة وقرب الرحيل وفيه مع ما يليه تنبيه على سرعة الإنتقال والنزول في الاخرة ومشاهدة أهوالها وكراماتها وتحريص على تحمل المشاق فيها وتحصيل زاد الاخرة. (يا مبتغى العلم قدم لمقامك بين يدي الله عز وجل) أي قدم العمل والعمل متوقف على العلم ولذلك خاطب ميتغيه بذلك، وفي قوله " كما تدين تدان " تنبيه على وجوب حسن المعاملة مع الرب إذا كان حسن جزائه بقدر حسن المعاملة معه وقبحه بقدر قبحها. ويؤيده ما روى " وكما تزرع تحصد " لفظ الزرع مستعار لما يفعله الإنسان من خير أو شر، ولفظ الحصد لما يثمر ذلك الفعل من ثواب أو عقاب، ووجه الإستعارتين ظاهر. * الأصل 19 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مالي وللدنيا وما أنا والدنيا إنما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها ثم راح وتركها. * الشرح قوله (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لي وللدنيا وما أنا والدنيا) ومن طريق العامة روى عن إن مسعود أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نام على حصير فقام وقد أثر في جسده فقالوا لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل فقال " مالي وللدنيا وما أنا والدنيا إلا كراكب إستظل تحت شجرة ثم راح وتركها " وهذا من التشبيه التمثيلي ووجه التشبيه سرعة الرحيل وقلة المكث وعدم الرضا به فقد أشار (عليه السلام) إلى أنه على بصيرة من نفسه ويقين من سرعة النزول في الاخرة ومشتاق إلى لقاء الله وحسن ثوابه والكرامة الأبدية المعدة للزاهدين لا إلى الدنيا وزهراتها. والصائف الحار. والقيلولة النوم قبل الزوال. * الأصل 20 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما إزدادت على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان فيما وغط به لقمان إبنه: يا بني إن الناى قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد امرت بعمل ووعدت عليه أجرا فاوف عملك واستوف أجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها ولكن أجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر، أخربها ولا ________________________________________