[ 357 ] (باب ذم الدنيا والزهد فيها) * الأصل 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الهيثم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصرة عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار الإسلام. * الشرح قوله (من زهد في الدنيا) زهد في الشئ وعن الشئ زهدا وزهادة إذا رغب عنه ولم يرده ومن فرق بين زهد فيه وعنه فقد أخطأ كذا في المغرب، وقال صاحب العدة إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل جبرئيل (عليه السلام) عن تفسير الزهد فقال جبرئيل (عليه السلام) الزاهد يحب من يحب خالقه ويبغض من يبغض خالقه ويتحرج من حلال الدنيا ويلتفت إلى حرامها فإن حلالها حساب وحرامها عقاب ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ويتحرج من الكلام فيما لا يعينه كما يتحرج من الحرام ويتحرج من كثرة الأكل كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها ويتحرج من حطام الدنيا وزينتها كما يتجنب النار أن يغشاها وأن يقصر أمله وكما بين عينيه أجله. وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الزهد قصر الأمل وتنقية القلب وأن لا يفرح بالثناء ولايغتم بالذم ولا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا ولا يلبس ثوبا حتى يلعم أن أصله طيب وأن لا يلتزم الكلام فيما لا يعنيه وأن لا يحسد على الدنيا وأن يحب العلم والعلماء وأن لا يطلب الرفعه والشرف، وقال بعض العلماء أصل الزهد أربعة أشياء الحلم في الغضب، والجود في القلة، والورع في الخلوة، وصدق القول عند من يخاف منه أو يرجو. وقال بعض الأكابران الزهد ثلاثة أحرف زاى وهاء ودال فالزاي ترك الزينة، والهاء ترك الهواء، والدال ترك الدنيا وينبغي أن يعلم أن الزهد في الدنيا والصبر والشكر والتوبة والخوف والرجاء والمحبة والتوكل والرضا وغيرها من الفضائل النفسانية والخصائل الروحانية صفات للنفس وحالات لها حصولها تابع لحصول الحكمة أعنى العلم بالدين ثم أن حصول هذه الأمور ورسوخها سبب لبقاء الحكمة وإستقرارها وثباتها وزيادتها كما قال (عليه السلام) " من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه " من الأثبات بالثاء المثلثة أو بالنون فمن أعظم مكارم الصالحين وأجل صفات العارفين الزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله كما أن من إشنع صفات المنافقين وأقبح سمات الغافلين الرغبة في الدنيا والإعراض عما عند الله وعن أحوال الاخرة. والأصل في الأول العلم بأن الدنيا ولذاتها أمتعة باطلة زائلة. والأصل في الثاني الجهل بذهابها وفنائها وبثبات الاخرة وبقائها، قال الله تعالى في وصف ________________________________________