[ 324 ] * الأصل 15 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن إبن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه. * الشرح قوله (من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه) لعل ذلك لأن اللسان له تصرف في كل موجود وموهوم ومعدوم وله يد في العقليات والخياليات والمسموعات والمشمومات والمبصرات والمذوقات والملموسات، فمن حسب أن الكلام ليس من عمله المترتب عليه الثواب والعقاب لم يبال بالكلام في أباطيل هذه الامور وأكاذيبها، فيجتمع عليه من كل وجه خطيئة فتكثر خطاياه. وأما غير اللسان فخطاياه قليلة فإذن خطيئة السمع ليست إلا المسموعات، وخطيئة البصر ليس إلا المبصرات وقس عليهما سائر الجوارح ويقرب منه قول أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) " من كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤ قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار " وهذا من با القياس المفصول النتايج ينتج من كثر كلامه دخل النار، وروى في هذا المعنى من طريق العامة أيضا " من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به " ولعل المراد بحضور العذاب حضور أسبابه أو حضور نفسه لأن حضور أسباب الشئ دليل على حضور ذلك الشئ، وقد صرح بعض أصحابنا بأن عذاب المستحق له واقع بالعفل وإن جهنم لمحيطة به وأنه داخل فيها ولكن الحجاب مانع من رؤيتها الحكمة تقتضيه. * الأصل 16 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح فيقول: أي رب عذبني بعذاب لم تعذب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرح الحرام، وعزتي [ وجلالي ] لأعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك. * الشرح قوله (فيقول أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا) من الجوارح أي فيقول اللسان ذلك ولعل الاضافة في قوله (من جوارحك) للمجاورة والملابسة أو للاشارة إلى أن سائر الجوارح تابعة له وهو رئيسها (فيقال له خرجت منك كلمة) سواء كانت تلك الكلمة من باب الفتيا أو غيرها. ________________________________________