[ 258 ] عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة " (1) فان صيغة أفضل تفيد وجود الفضل في الأولين وهو المطلوب. وقول الباقر (عليه السلام) " من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه " (2) ولغير ذلك من ظواهر الآيات والأخبار، وأما الثاني فالظاهر بطلانها لقوله تعالى * (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) *. وقول الصادق (عليه السلام) لعباد البصري: " يا عباد إياك والرياء فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له " (3) ولغير ذلك من الآيات والروايات. وأما الثالث فالقول بالتفصيل - وهو أن العبادة صحيحة إن كانت هي المقصودة بالذات والضميمة مقصودة تبعا، وباطلة إن انعكس الأمر أو تساويا - غير بعيد (4) وإن لم نجد عليه دليلا نقليا والاحتياط في الجميع ظاهر وبعض الأفاضل حكم بالتفصيل في الأقسام الثلاثة وهو بعيد جدا سيما في الرياء لدلالة الآيات والأخبار على بطلان العبادة لأجل انضمام الرياء إليها والظاهر أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا قال المحقق الشيخ علي (5) ضم الرياء إلى القربة يبطل العبادة قولا واحدا إلا ما يحكى عن المرتضى أنه يسقط الطلب عن المكلف ولا يستحق بها ثوابا وليس بشئ، والخلوص من جنود العقل وأنصاره والشوب من جنود الجهل وأعوانه وميدان مجادلتهما ومعارضتهما ساحة القلب وذلك لأن العقل ميله الصعود إلى عالم القدس وقصده تسخير عالم الملك والملكوت وخلوص العمل يعينه على ذلك، والجهل ميله الهبوط إلى عالم الحس ومنازل النسيان وقصده النزول في محل البعد وبساط الخذلان وشوب العمل بالرياء وغيره من التدليسات النفسانية والتلبيسات الشيطانية والمخاطرات الوهمية يعينه على ذلك. ________________________________________ 1 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب العبادة. 2 - يعني ما إذا كان العمل مسنونا في الكتاب والسنة من دون تقدير الثواب العاجل أو الاجل، وأما إذا كان العمل غير مسنون فلا أجر له أبدا إن لم يكن عليه وزر لقول النبي (صلى الله عليه وآله) " لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة " والخبر في الكافي كتاب الايمان والكفر باب (من بلغه ثواب من الله على عمل). 3 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب الرياء تحت رقم 1. 4 - خبر لقوله " فالقول بالتفصيل " ولا يحتاج إلى تصريح به في خبر بل يكفي الادلة الدالة على وجوب الاخلاص وإبطال تشريك غير الله معه في النية فيقال: إذا كان المقصود بالذات التقرب لم يقدح في الاخلاص ضم غيره تبعا والعلامة على ذلك أن يعرض العابد على نفسه هل كان يصدر هذا العمل منه إن لم تكن الضميمة فإن أحس من نفسه أنه يصدر منه كان العمل صحيحا (ش). 5 - يعني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (قدس سره). (*) ________________________________________