[ 32 ] * الأصل (باب) كيف أجابوا وهم ذر 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أجابوا وهم ذر ؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه، يعني في الميثاق. * الشرح قوله (جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه) " ما " موصولة والعائد محذوف أي أجابوه به والمراد به القوة الاستعدادية للنفس الناطقة القابلة (1) ________________________________________ 1 - قوله " والمراد به القوة الاستعدادية للنفس الناطقة " قال العلامة المجلسي (قدس سره) أعلم أن آيات والأخبار الواردة في ذلك يقصر عنه عقول أكثر الخلق وللناس فيها مسالك: الأول طريقة المحدثين والمتورعين، فأنهم يقولون نؤمن بظاهرها ولا نخوض فيها ولا نطرق فيها التوجيه والتأويل، والثاني حملها على الاستعارة والمجاز والتمثيل، والثالث حملها على أخذ الميثاق في عالم التكليف بعد إكمال العقل بالبرهان والدليل إنتهى. وهو مشتبه المراد لا أدرى مقصود (قدس سره) إلا أن المسلك الثالث يشير إلى ما أختاره المفيد والسيد المرتضى والطبرسي وجماعة من أعاظم الطائفة في تفسير آيه " وإذ أخذ لك من بنى آدم من ظهورهم آه " وأما كلام الشارح فمعناه معلوم لنا ونشير إليه إن شاء الله ببيان أوضح. ثم أن الاستصعاب والاشكال في هذه الأخبار على ما أتعقله أنها تستلزم الجبر وليس غيرها من الشبه مما يعتد به وطريقة المحدثين والمتورعين ما ذكره المجلسي (قدس سره) إن كان بعد القطع ببطلان الجبر كما هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لزم عدم ايمانهم بظاهر هذه الأخبار، فإن ظاهرها الجبر والظلم فلا معنى لقوله (رضي الله عنه) نؤمن بظاهرها فلا محيض عن تأويلها وإن أراد والايمان بظاهرها وان لزم الجبر فهو انكار لسائر الأحاديث والأخبار، وأما الحمل على الاستعارة والمجاز فلم يبين (رضي الله عنه) أن أي لفظ استعارة عن أي معنى، يحتمل أن يراد به ما ذكره الشارح أو ما ذركه المفيد عليه الرحمة، وبالجملة ما يدل من الروايات على الجبر فالوجه طرحه أو تأويله ولكن ليس جميعها كذلك فمنها ما لا يستفاد منه الأعلمه تعالى بحال عباده ومع قطع النظر عن شبهة الجبر فلا أرى في المعنى المتفق عليه بين أخبار الميثاق والذر شبهة يصعب حلها مثل مارووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة من ذريته إلى يوم القيامة " وما روى فيها معنى معقول لا استحالة له أصلا بل ليس من الغرائب أيضا فإن رؤية الأنبياء بعض ما سيأتي بعدهم في ما يرون ما الغيون أمر معتاد. وقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني امية في صورة القردة ينزون على منبره يرجعون بالناس القهقرى، فإن قيل هذا كان نوما قلنا يتفق للأنبياء أن يروايقظة من الغيوب مثل ما يرى في المنام، قال المفيد (رضي الله عنه) في بعض كلامه فانبأه الله يعني أنبأ الله آدم بما يكون من ولده وشبههم بالذر الذي أخرجهم من ظهره وجعله علامة على كثرة ولده انتهى. وكذلك لا يبعد تمثيلهم بغير صورتهم في الرؤيا وكون بعضهم نورانيا وبعضهم ظلمانيا لأن الرواية دلت على أن آدم رأى على بعضهم نورا لا ظلمة فيه وعلى بعضهم ظلمة لا نور فيه ولا يوجب هذا جبرا كما لا يوجب رؤية نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) بني أمية يرجعون = (*) ________________________________________