[ 30 ] أصحاب الشمال، قالوا: ربنا نرى أصحابنا قد سلموا فأقلنا ومرنا بالدخول، قال: قد أقلتكم فادخلوها، فلما دنوا وأصابهم الوهج، رجعوا فقالوا: يا ربنا لا صبر لنا على الاحتراق فعصوا، فأمرهم بالدخول ثلاثا، كل ذلك يعصون ويرجعون وأمر اولئك ثلاثا، كل ذلك يطيعون ويخرجون، فقال لهم: كونوا طينا بإذني فخلق منه آدم: قال فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء ومن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء، وما رأيت من نزق أصحابك وخلقهم فمما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال وما رأيت من حسن سيماء من خالفكم ووقارهم فمما أصابهم من لطخ أصحاب اليمين. * الشرح قوله (يعتريه النزق والحدة والطيش) الاعتراء رسيد وفرا گرفتن، النزق والنزوق بر جهيدن وجستى نمودن وشتاب كردن وپيشى گرفتن. والحدة بتشديد الدال تيز شدن وتندى نمودن والطيش تيز شدن وتندى نمودن ومنحرف شدن تيراز شانه. وهذه المعاني متقاربة كلها من جهة الفساد في القوة الشهوية والغضبية. قوله (قال لا تقل حسن السمت فأن حسن السمت سمت الطريق) في الفائق: السمت أخذ النهج ولزوم المحجة، وسمت فلان طريق يسمت ويسمت يعنى من باب نصر وضرب ثم قالوا ما أحسن سمته أي طريقة التي ينتهجها في تحرى الحير والتري بزى الطالحين، وفي المصباح السمت والطريق والقصد والسكنة والوقار والهيئة، ولما جاء السمت بمعنى الطريق (1) ________________________________________ 1 - ولما جاء السمت بمعنى الطريق " الحديث مرسل وتوجيه الشارح تكلف ويشبه أن يكون المراد ببعض أصحابنا السيارى أو أحد الاعاجم مثله قليل المعرفة بلسان العرب أو قليل الاهتمام به فزعم أن السمت منحصر في سمت الطريق وهو المعنى المشهور وكان المعنى الآخر غريبا لديه. وأما ما تضمن معناه من اختلاط الطينتين فالكلام فيه ما في أمثاله. وأعلم أن اختلاف النفوس في استعداداتها وصفاتها مما لا ينبغي أن ينكر بل هو محسوس ومروى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " قال صدر - المتألهين (قدس سره) يتفاوت العقول والإدراكات والاشواق والارادات بحسب اختلاف الطبايع والقوى والغرائز والجبلات فينزع بعضهم بطبعه إلى ما ينفر عنه الآخر ويستحسن بعضهم بهواه ما يستقبحه الثاني والعناية الإلهية اقتضت نظام الوجود على أحسن ما يتصور وأجود ما يمكن من التمام ولو تساوت الاستعدادات لفات الحسن والفضل في ترتيب النظام إلى آخر ما قال. ولا يخفى أن اختلافهم في ذلك لا ينافي اتفاقهم في قدرة فهم التكاليف واختيارهم في فعل الخير فهم متفقون فيما هو مناط التكليف ومختلفون في استعداد العلوم والصنايع ولا يلزم الاختلاف في الاستعداد ظلما وإنما يلزم الظلم أن يكونوا متفقين في التكليف مع الاختلاف في استعداد ولو فرض أن أحدا بلغ في البلادة إلى حد لا يعقل التكليف أصلا التزمنا برفع التكليف عنه كالمجانين. وقال صدر المتألهين في بعض كلامه فمن أساء عمله وأخطأ في اعتقاده فإنما ظلم نفسه بظلمة جوهره وسوء استعداده = (*) ________________________________________