[ 27 ] في الخيرات وهذا بداية التوفيق والإحسان ومن بغضه أنه إذا علم عصيانها خلق لها أبدانا من طينة النار وسلب عنها توفيقه فيبعثها ذلك إلى المبالغة في الشرور، وهذا بداية الاضلال والخذلان. قوله (ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ) شبه الظلال بظلك في الشمس وأشار إلى وجه التشبيه بأنه شئ باعتبار وليس بشئ باعتبار آخر، وقد ذكر ناسابقا أن التكليف الأول وقع مرتين: مرة في عالم المجردات (1) الذر المخرج من الطينة، ويمكن أن يكون المراد بالظل هنا هو الاول ولكن لما كان تصور عالم المجر الصرف صعبا في أكثر الاذهان (2) في عدم الكثافة إذ لا كثافة في المجرد الصرف كما لا كثافة في الظل، ويمكن به ان يراد به عالم الذر المبائن لعالم الأجسام الكثيفة، وهو يحكى عن هذا العالم ويشبهه وليس منه فهو ظل بالنسبة إليه وهذا أنسب بقوله (عليه السلام) " ثم بعثهم في الظلال " فانه يفيد ظاهرا أن بعثهم فيه بعد خلقهم من طينة الجنة وطينة النار، وحمله على الأول يحتاج إلى تكلف بعيد فليتأمل. وأعلم أن الارواح المحبوبة الكاملة الهادية أعنى أرواح خاتم الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) خلقت قبل أرواح سائر البشر وطينتهم كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبة " ألا أن الذرية أفنان أنا شجرتها، ودوحة أنا ساقتها، وإني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء، كنا اظلالا تحت العرش قبل البشر وقبل خلق الطينة التي كان منها البشر أشباحا عالية، لا أجساما نامية، وفيه اشارة إلى أن ________________________________________ 1 - قوله " في عالم المجردات الصرفة ذكر العلامة المجلسي (قدس سره) في مرآة العقول نحوا من عبارة الشارح وكأنه مقتبس منها وهو مبنى على مذهب صدر المتألهين في تقسيم العوالم بثلاثة أقسام: الأول عالم المجردات الصرفة وهو عالم العقول والنفوس الناطقة وموجودات ذلك العالم عارية عن المواد وعن المقادير أيضا، والثاني علم المثال وهو مشتمل على موجودات مجردة عن المادة دون المقدار، والثالث عالم الماديات وهو ظاهر. وأما غير صدر المتألهين فأكثرهم على نفي العالم الاوسط. قال الصدر (قدس سره) أعلم أن كثير من أهل العلوم والمنتسبين إلى الحكمة زعموا أن هذه الصور المرئية والمثل المسموعة امور مرتسمة في الحس المشترك الذي هو قائم في الجزء المقدم من الدماغ كارتسام الاعراض في موضوعاتها وهذا كله لقصور المعرفة بعالم الملكوت وضعف الإيمان بالملائكة فان هذه الامور موجودات عينية قائمة بذواتها لافي محل وهي أقوى في الموجودية من هذه الاكون الخارجية إلا أن نشأة وجودها نشأه أخرى انتهى ملخصا. والعلامة المجلسي على أن الروح جسم لطيف والشارح على أنه موجود مجرد صرف وان أمكن ظهوره في عالم المثال يوجد فيصح توجه التكليف إليه وهو مجرد في الظلال وفي عالم المثال أيضا وهو مجرد عن المادة لاعن المقدار وهو عالم الذر. (ش) 2 - صعبا في أكثر الاذهان " اعترف من الشارح بان الحجج (عليهم السلام) كانوا يعبرون عن معنى لا يفهمه العامة بلفظ قريب يفهمونه. (ش) (*) ________________________________________