[ 246 ] الصور الحسية عن الخزانة والقوة المدركة جميعا أو عن زوال الصورة العقلية بفقد ملكة المشاهدة. (والتعطف وضده القطيعة) العطف الميل ومنه عطفت عليه بمعنى أشفقت عليه ورحمته لأن في الإشفاق والرحمة ميلا وانعطافا إلى المرحوم، والعطاف الرداء وتعطفت بالعطاف أي ارتديته والمتعطف بأحد كأنه ضمه إلى نفسه بمنزلة الرداء، والقطيعة مصدر يقال: قطع رحمه قطعا وقطيعة فهو قطع كصرد وهمزة هجرها وعقها وبينهما رحم قطعها إذا لم توصل، والتعطف من أنواع العدالة وضده من أنواع الظلم وعليكم أيها الاخوان أن تكونوا إخوانا متعاطفين متباذلين متواصلين متآلفين بالنسبة إلى كل أحد من المسليمن وأن لا تفرقوا بين الغني والفقير والقوي والضعيف والكبير والصغير وقد صدر الترغيب فيه من القرآن والسنة قال الله تعالى: * (إنما المؤمنون إخوة) * وقال: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " (1) وهذه الفضيلة فضيلة شريفة من فضائل الأخلاق لا يتصف بها إلا من امتحن الله قلبه بالتقوى وطهره من الكبر والرين ونزهه من الحقد والغين ويندرج تحتها كثير من المكارم مثل خفض الجناح ولين الجانب والرفق في الأقوال والأفعال وعدم الغلظة والجفاوة في جميع الأحوال وبسط الوجه وطلاقته من غير تقطير وتقطيب وعبوس والمواساة بينهم في جليل الأمور وحقيرها وقليلها وكثيرها بقدر الامكان فأن جميع ذلك من توابع الشفقة والرحمة ولوازمها، ولها منافع غير محصورة ويكفى في هذا المقام قول أمير المؤمنين (عليه السلام) " من لأن جانبه كثر أعوانه " (2) وقوله: " من رفع عن الناس يدا واحدة رفعت عنه أيد كثيرة " (3) ثم إن التعاطف والتواصل من حقوق العشرة والصحبة إذا كانا في جانب الدين وإلا فهجرة أهل الأهواء والبدع دائمية على مر الأوقات ما لم يظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق ولذلك لما خاف (صلى الله عليه وآله) على كعب بن مالك وأصحابه النفاق لتخلفهم عن غزوة تبوك أمر بهجرانهم خمسين يوما. (والقنوع وضده الحرص) القنوع بالضم هنا مصدر بمعنى القناعة بالكسرو هي الرضى باليسير من متاع الدنيا والاقتصار على قدر الكفاف بل على ما دونه لو تعزز عليه وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " قلت: يا جبرئيل ما تفسير القناعة ؟ قال: يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل ويشكر باليسير " (4) وفسرها المحقق الطوسي بعد ما عدها من الأنواع المندرجة تحت العفة الحاصلة من ________________________________________ 1 - أخرجه البخاري ج 8 ص 23 وفي الكافي باب الهجرة نحوه. 2 - ما عثرت على لفظه وفي خطبة له (عليه السلام) تحت رقم 23 نحوه. 3 - النهج من كتابه له (عليه السلام) إلى ابنه الحسن (عليه السلام) تحت رقم 31. 4 - راجع سفينة البحار ج 2 ص 452. (*) ________________________________________