[ 239 ] وأما لوازمه وآفاته وثمراته من الأعمال والتروك فهي أيضا كثيرة جدا فإن هذا الخلق الاجاج إذا نبع في القلب وجرى في الأعضاء والجوارح ينبت منها أعمال ردية وتروك مردية. أما الأعمال فمنها باطنة كتحقير الغير وازدرائه واعتقاد أنه لا يصلح للمجالسة والمجانسة والمؤانسة والمؤاكلة واعتقاد أنه ينبغي أن يكون ماثلا بين يديه أو ماشيا من خلفه إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة الموجبة لاستخفاف الغير، ومنها ظاهرة كالتقدم عليه في الطرق والارتفاع عليه في المجالس وإبعاده عن مجالسته وزجره عن مؤاكلته والعنف عن رد قوله والغلظة على المتعلمين وذوي الحاجات وإذلالهم وغيبتهم والتطاول عليهم في القول، وأما التروك فكترك التواضع وترك معاشرة الفقراء وترك الرفق بالناس ونحوها وأما المذام الواردة فيه فهي أيضا كثيرة من القرآن والسنة كقوله تعالى: * (يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) * وقوله (صلى الله عليه وآله) " يقول الله عز وجل الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في جهنم " (1) وقول الباقر والصادق (عليهما السلام) " لا يدخل الجنة من في قلبه مثال ذره من كبر " (2) قيل وإنما صار الكبر حجابا من دخول الجنة لأنه يحول بين العبد والفضائل التي هي أبواب الجنة إذ الكبر يغلق تلك الأبواب كلها فلا يقدر العبد ومعه شئ من الكبر أن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه ولا يتمكن من ترك الرذايل التي توجب الدخول في النار وفعل أضدادها من الفضائل كالتواضع وكظم الغيظ وحب الفقراء والمساكين وحب معاشرتهم ومجالستهم وقبول الحق والرفق. وبالجملة ما من خلق ذميم إلا وصاحب العز والكبر مضطر إليه ليحفظ به عزه وعظمته وما من خلق فاضل إلا وهو عاجز عنه خوفا عن أن يفوته عزه وعظمته لأن الأخلاق الذميمة علة مسرية (3) يستلزم بعضها بعضا فلذلك لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر. (والتؤدة وضده التسرع) التؤدة بضم التاء وفتح الهمزة وسكونها الرزانة والتأني والتثبت في ________________________________________ 1 - أخرجه ابن ماجة تحت رقم 4174، ورواه صاحب الكافي كتاب الايمان والكفر تحت رقم 3 و 4 باختلاف في اللفظ من حديث أبي جعفر (عليه السلام). 2 - الكافي باب الكبر تحت رقم 5، ورواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود ج 1 ص 65. 3 - يعني علة سارية كالوباء أو مسرية لغيرها كالسل يستلزم الحمى، فإن قيل بعض أهل التكبر وطالبي الجاه والعزة يتكلفون فضائل ليحسن سمعتهم فيتواضعون ويبذلون الأموال ويرفقون بالناس ويتظاهرون بأكثر الفضائل كمعاوية. قلنا إنما الاعمال بالنيات والذي يبذل المال لحفظ الجاه لا يضع إحسانه موضع الاحسان بل يبذل للشعراء والفساق حتى يمدحوهم بما ليس فيهم ولمن يروج أمرهم ويصفهم في المجالس بالصفات الحسنة كالعلم والتقوى ويمنعون من لا يتقرب إليهم وإن كانوا أحوج وأحق وليس هذا البذل من الفضائل المأمور بها في الشرع وكذلك التواضع والتحالم وغيرها (ش). (*) ________________________________________