[ 22 ] 5 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال إن الله خلق الخلق فعلم ماهم صائرون إليه وأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله. " * الشرح: (محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خلق الخلق) مستعدين للخير والشر لحكم ومصالح بعضها يظهر لأولي الألباب وبعضها لا يعلمها إلا هو وأسرار القدر التي ورد النهي عن الغور فيها داخلة في هذا البعض (فعلم ماهم صائرون إليه) من الخير والشر، ولكن الغرض الأصلي من خلقهم هو الخير كما يدل عليه ما رواه الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج " عن الصادق (عليه السلام) حين سأله الزنديق وقال له: فخلق الخلق للرحمة أم للعذاب ؟ فقال (عليه السلام) خلقهم للرحمة وكان في علمه قبل خلقه إياهم أن قوما منهم يصيرون إلى عذابه بأعمالهم الردية وجحدهم له " فإن قلت: حديث هذا الكتاب حيث قال، فعلم بالفاء دل على أن علمه بذلك بعد الخلق، وحديث الاحتجاج دل على أنه قبل الخلق فما الوجه فيه ؟ قلت: لا شبهة في أن علمه بذلك أزلي قبل الخلق ووجه ذكره هنا بعد الخلق ليكون فيه إشعار في الجملة بأن علمه تابع للمعلوم ليندفع ما يتبادر إلى الأذهان القاصرة من أن علمه مؤثر في المعلوم وسبب له، وهو يبطل القدرة والاختيار، بل التكليف أيضا لابتنائه عليهما حتى أن الفخر الرازي أبطل هذه الشبهة وقال: لو اجتمع جملة العقلاء لم يقدروا على أن يوردوا على هذا حرفا إلا بالتزام مذهب هشام وهو أنه تعالى لا يعلم الأشياء قبل وقوعها (وأمرهم) بالخيرات والمصالح (ونهاهم) عن الشرور والقبائح (فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه) وكذا ما نهاهم عنه من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى فعله، وذلك لإعطائهم القدرة الصالحة للضدين والقوة القابلة للطرفين، وهذا مذهب جميع العقلاء عدا الأشاعرة فإنهم قالوا: القدرة غير صالحة للضدين وهذا باطل بالضرورة لأن القادر هو الذي إن شاء أن يفعل فعل وإن شاء أن يترك ترك، فلو فرضنا قدرة أنحصر تعلقها بأحد الطرفين فقط دون الآخر لم يكن الموصوف بها قادرا (ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله) أي بتوفيقه لمن أقبل وعدمه لمن أدبر، أو بعدم إحداثه مانعا من الأخذ والترك، أو بخلق القدرة عليهما، أو بعلمه بهما، أو بتخليته، ويؤيد الأخيرين ما رواه الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) " أن أبا الحسن موسى (عليه السلام) قال: أن الله خلق الخلق فعلم ماهم صائرون، فأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل ________________________________________