[ 281 ] للابتداء أو " من " أي سبب على أن يكون للتعليل كما في قوله تعالى * (مما خطيئاتهم أغرقوا) * ويكون أين بمعنى أنى للسؤال عن الحال (حتى حكم لهم في علمه بالعذاب) عليهم (على عملهم) اللام في " لهم " للتهكم و " في " بمعنى الباء أي بسبب علمه بسوء حالهم وقبح مآلهم وفساد أعمالهم أو للظرفية ________________________________________ = السبيل إلى طاعته لا يطيع ولذلك لم يقدر له وسائل الطاعة وأسبابها وهو لا يوافق ساير ما روي عنهم (عليهم السلام) من أنه تعالى سهل أسباب الخير لجميع الناس وسوى التوفيق بين الوضيع والشريف مكن من أداء المأمور وسهل سبيل اجتناب المحظور وقال تعالى * (هديناه النجدين) * وتأويل الشارح كما ترى لا يخلو عن التكلف. وحمله صدر المتألهين على السؤال عن علة دوام العقاب وخلوده مع أن العصيان متناه منقض في زمان قليل متناه، وحمل جواب الإمام (عليه السلام) على أن العقاب ليس على نفس العمل فإنه عرض ينقضي وحكم الله تعالى بالعقاب الدائم لا يقوم له ولا يتسبب عنه وليس من حق العمل العقاب بل إنما يكون العمل معدا، لأن يفيض من الله تعالى على النفوس ملكات راسخة واعتقادات ومعارف يبقى ببقاء الله تعالى فيدوم الثواب والعقاب ببقاء تلك المعارف والملكات كما أن قصور الغارس في تربية الشجر في مدة قليلة يوجب فساد ثمارها، وهذا تأويل حسن في نفسه لكن في حمل ألفاظ الخبر عليه تكلف، ومع ذلك فهذا خبر مرسل مضطرب المتن لا حجة فيه وإن فرض حجية أخبار الآحاد في هذه المسائل فقد رواه الشيخ الصدوق - رحمه الله - في التوحيد مع اختلاف لا يوجب الجبر. وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) بعد نقله من التوحيد هذا الخبر: مأخوذ من الكافي وفيه تغييرات عجيبة تورث سوء الظن بالصدوق (رحمه الله) وانه إنما فعل ذلك ليوافق مذهب العدل انتهى. وهذا الاحتمال الذي ذكره لا يتطرق عندي إلى نقل فساق مؤرخي المخالفين فكيف إلى رواية أعاظم علماء أهل الحق وفي الصفحة 583 من المجلد الرابع أن الصدوق من عظماء القدماء التابعين لآثار الأئمة النجباء الذين لا يتبعون الآراء والأهواء انتهى. وهو كلام تام في مدح الصدوق (رحمه الله) ولكنه رحمه الله لم يكن تأخذه في تحقيق الأخبار لومة لائم ولا يجاري هو معلوم من طريقته خصوصا في البحار، منها ما في المجلد الثالث عشر في حديث ملاقاة سعد بن عبد الله الأشعري للعسكري (عليه السلام) على ما سبق في الصفحة 332 من المجلد الثالث من هذا الشرح بعد نقل كلام الشهيد (رحمه الله) في كون هذا الخبر موضوعا قال معترضا عليه: رد هذه الأخبار للتقصير في معرفة شأن الأئمة الاطهار إذ وجدنا أن الاخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم فهم إما يقدحون فيها أو في راويها بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجال إلا نقل مثل تلك الأخبار انتهى. وليت شعري إن كان الشهيد الثاني مقصرا في معرفة الأئمة (عليهم السلام) فمن هو العارف بهم ؟ وإن كان أصحاب الرجال وهم الشيخ الطوسي والنجاشي والعلامة الحلي وابن داود وأمثالهم غير معتمد عليهم في قدح المقدوحين لعدم معرفتهم بمقام الأئمة (عليهم السلام) فممن يجب أن نأخذ معالم ديننا وأدلة معارفنا، وأعجب منه قوله في المفيد عليه الرحمة فإنه بعد ما نقل فصولا من كلامه في رد بعض روايات ظاهرها الجبر قال في الصفحة 74 من المجلد الثالث: طرح الآيات والأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة والوجوه السخيفة (يعنى بها أفادات المفيد (قدس سره)) جرأة على الله وعلى أئمة الدين انتهى. ولا المفيد متجريا على الله والرسول والأئمة (عليهم السلام) فمن المؤمن الخائف من الله المطيع له ولرسوله، وكذلك لم ينج أكثر الفقهاء من طعن تلويحا أو تعريضا ولكن ذلك كله فلتات ولمم وبناؤه على تعظيمهم وتجليلهم والاعتراف بفضائلهم ومناقبهم إلا إذا ردوا خبرا أو ضعفوه أو أخرجوه من ظاهره بتأويل والله يهدي إلى سواء السبيل. (ش) (* ________________________________________