[ 280 ] لم يستقم شئ منهما كان هو عند الله مبغوضا وكان عمله محبوبا، وكلما كان العمل وحده مبغوضا أمكن أن يتداركه: التوبة أو المصيبة الدنيوية أو البرزخية أو الشفاعة أو العفو، ومما ذكرنا ظهر أن الكافر الذي يؤمن محبوب له تعالى في علم الغيب والمؤمن الذي يكفر مبغوض أبدا. لا يقال: هذا ينافي قوله تعالى * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * فإن هؤلاء كانوا محبوبين لله تعالى، لأن الرضا عنهم يوجب المحبة ثم صار بعضهم مبغوضا بالنفاق في حال حياته (صلى الله عليه وآله) وبعضهم بالخلاف بعده. لأنا نقول: الرضا متعلق بالمؤمنين وكون هؤلاء من المؤمنين عند المبايعة ممنوع، وعلى تقدير التسليم كان الرضا مشروطا بالوفاء وعدم النكث كما يدل عليه قوله تعالى * (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) * وهؤلاء لما نكثوا علم أنهم فقدوا شرط المحبة، وفي هذا الحديث رد على الأشاعرة القائلين بأنه تعالى أراد جميع أفعال العباد ورضي بها وأحبها بناء على ما زعموا من أنه الموجد لها. * الأصل: 2 - علي بن محمد رفعه، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: كنت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله ! من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أيها السائل حكم الله عزوجل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه. فلما حكم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ماهم أهله. ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم، ومنعهم إطاقة القبول منه فوافقوا ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه. لأن علمه أولى بحقيقة التصديق وهو معنى شاء ما شاء وهو سره. * الشرح: (علي بن محمد رفعه، عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال: كنت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا) قوله جالسا إما خبر والظرف متعلق به أوحال والظرف خبر (وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية) (1) أي من أي محل، على أن يكون " من " ________________________________________ 1 - قوله: " من أين لحق الشقاء أهل المعصية " لا يخلو ما ذكره في تأويل الخبر عن تكلف ولكن من المعلوم من مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، لأن ظاهره الجبر وأنه تعالى قدر السعادة لبعض الناس والشقاء لبعضهم فمن قدر له السعادة سهل له السبيل إليها ومن قدر له الشقاء هيأ له وسائل العصيان ومنعه من قبول الطاعات ولم يقدروا أن يتخلصوا منه، لأن علم الله فيهم لا يتخلف. فإن قيل كيف قهرهم على الشقاء، قيل في الجواب إنه تعالى علم أنه يشقى لا محالة، وإن سهل له = (*) ________________________________________