[ 307 ] فمما يكشف عن مزيد عناية الاب بتربية إبنه رسالته التي كتبها لاجله لخص له فيها كثيرا من الاصول الحديثية، فاختصر الطريق بطرح الاسانيد والجمع بين النظائر، والاتيان بالخبر مع قرينه حتى قيل أنه أول من إبتكر ذلك في رسالته إلى إبنه، وكثير ممن تأخر عنه يحمد طريقته فيها، ويعول عليها في مسائل لا يجد النص عليها، لثقته وأمانته وموضعه من الدين والعلم وهذه الرسالة من مصادر كتاب (من لا يحضره الفقيه) نقل عنها المؤلف كثيرا، وصرح بذلك. والذي يسترعي الانتباه كثرة مرويات المؤلف عن طريق أبيه كثرة تفوق مروياته عن كل من شيوخه الآخرين، مما يدلنا على مدى إستعداده الذهني والنبوغ المبكر الذي كان له أكبر الاثر في قابليته الجيدة لكل ما يقرأ ويسمع. ولا غرابة في نتائج الاحصاء والمقارنة التي تثبت أن الاب - وهو المنبع الاول من منابع ثقافة وليده المرجى - بذل أقصى جهده في سبيل تثقيف ولده وإسماعه أكبر عدد من مروياته، حتى كان أكثر ما يرويه الولد هو عن طريق شيخه الاول ومربيه الاكمل والده أبي الحسن رحمه الله. وللتدليل على ذلك خذ مثلا كتابا من كتب المؤلف رحمه الله، ونظم إحصاءا شاملا لمروياته عن كل من شيوخه فستخرج بنتيجة أن للاب السهم الاوفر من تلك الروايات. وهذا كتابه (من لا يحضره الفقيه) لما كان هو أكبر كتبه وأكثرها رواية فقد إختصر أسانيده مقتصرا على ذكر من ينتهي إليه سند الرواية، وكان هو الراوي الاول، ووضع في آخره مشيخة ذكر فيها إسناده إلى اولئك الرواة الذين ورد الحديث عنهم في الكتاب ولم يعرف طريق المصنف إليهم، ومن هذه المشيخة يستطيع الباحث كشف حقيقة ما قلناه عن كثرة رواياته عن أبيه على قصر المدة التي عايشه فيها حتى فاقت رواياته ما يرويه ________________________________________