في الإيمان مع ما يحب لنفسه من المنافع بشرط الإيمان قال الشيخ محمد بن أبي جمرة حفظ حق الجار من كمال الإيمان والإضرار به من الكبائر لقوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره قال ويفترق الحال في ذلك بالنسبة إلى الجار الصالح وغيره والذي يشمل الجميع إرادة الخير وموعظته بالحسنى والدعاء له بالهداية وترك الإضرار له إلا في الموضع الذي يحل له الإضرار بالقول والفعل والذي يخص الصالح هو جميع ما تقدم وغير الصالح كفه عن الأذى وأمره بالحسنى على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكافر يعرض الإسلام عليه والترغيب فيه برفق والفاسق يعظه بما يناسبه بالرفق ويستر عليه زلته وينهاه بالرفق فإن نفع وإلا هجره قاصدا تأديبه بذلك مع إعلامه بالسبب ليكف ويقدم عند التعارض من كان أقرب إليه بابا كما في حديث عائشة قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال إلى أقربهما بابا أخرجه البخاري والحكمة فيه أن الأقرب بابا يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوف له بخلاف الأبعد وتقدم أن حد الجار أربعون دارا من كل جهة وجاء عن علي عليه السلام من سمع النداء فهو جار وقيل من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار وعن بن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك قلت ثم أي قال أن تزاني بحليلة جارك متفق عليه وعن بن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا هو الشبه ويقال له ند ونديد وهو خلقك قلت ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك قلت ثم أي قال أن تزاني بحليلة بفتح الحاء المهملة الزوجة جارك متفق عليه قال تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وقال تعالى ولا تقتلوا أولادكم من إملاق والآية الأخرى خشية إملاق وقوله أن تزاني بحليلة جارك أي بزوجته التي تحل له وعبر بتزاني لأن معناه تزني بها برضاها وفيه فاحشة الزنى وإفساد المرأة على زوجها واستمالة قلبها إلى غيره وكل ذلك فاحشة عظيمة وكونها حليلة الجار أعظم لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويركن إليه وقد أمر الله تعالى برعاية حقه والإحسان إليه فإذا قابل هذا بالزنى بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن منه غيره كان غاية في القبح والحديث دليل أن أعظم المعاصي الشرك ثم القتل بغير حق وعليه نص الشافعي ثم تختلف الكبائر باختلاف مفاسدها الناشئة عنها وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الكبائر شتم الرجل والديه قيل وهل يسب الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب الرجل أباه ويسب أمه فيسب أمه متفق عليه قوله شتم الرجل والديه أي يتسبب إلى شتمهما فهو من المجاز المرسل من استعماله المسبب في السبب وقد بينه صلى الله عليه وسلم بجوابه عمن سأله بقوله نعم وفيه تحريم التسبب إلى أذية الوالدين وشتمهما ويأثم الغير بسبه لهما قال بن بطال هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أنه إن آل أمره إلى محرم حرم عليه الفعل وإن لم يقصد المحرم وعليه دل قوله تعالى ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم