قال القاضي عياض ذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل على الأب في البر ونقل الحارث المحاسبي الإجماع على هذا واختلفوا في الأخ والجد من أحق ببره منهما فقال القاضي الأكثر الجد وجزم به الشافعية ويقدم من أدلى بسببين على من أدلى بسبب ثم القرابة من ذوي الرحم ويقدم منهم المحارم على من ليس بمحرم ثم العصبات ثم المصاهرة ثم الولاء ثم الجار وأشار بن بطال إلى أن الترتيب حيث لا يمكن البر دفعة واحدة وورد في تقديم الزوج ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة قال زوجها قلت فعلى الرجل قال أمه ولعل مثل هذا مخصوص بما إذا حصل التضرر للوالدين فإنه يقدم حقهما على حق الزوج جمعا بين الأحاديث وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه متفق عليه الحديث وقع في لفظ مسلم بالشك في قوله لأخيه أو لجاره ووقع في البخاري لأخيه بغير شك الحديث دليل على عظم حق الجار والأخ وفيه نفي الإيمان عمن لا يحب لهما ما يحب لنفسه وتأوله العلماء بأن المراد منه نفي كمال الإيمان إذ قد علم من قواعد الشريعة أن من لم يتصف بذلك لا يخرج عن الإيمان وأطلق المحبوب ولم يعين وقد عينه ما في رواية النسائي في هذا الحديث بلفظ حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه قال العلماء والمراد من الطاعات والأمور المباحة قال بن الصلاح وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه من الخير والقيام بذلك يحصل بأن يحب له مثل حصول ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه وذلك سهل على القلب السليم وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين ا ه هذا على رواية الأخ ورواية الجار عامة للمسلم والكافر والفاسق والصديق والعدو والقريب والأجنبي والأقرب جوارا والأبعد فمن اجتمعت فيه الصفات الموجبة لمحبة الخير له فهو في أعلى المراتب ومن كان فيه أكثرها فهو لاحق به وهلم جرا إلى الخصلة الواحدة فيعطي كل ذي حق حقه بحسب حاله وقد أخرج الطبراني من حديث جابر الجيران ثلاثة جار له حق وهو المشرك له حق الجوار وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وجار له ثلاثة حقوق جار مسلم له رحم له حق الإسلام والرحم والجوار وأخرج البخاري في الأدب المفرد أن عبد الله بن عمر ذبح شاة فأهدى منها لجاره اليهودي فإن كان الجار أخا أحب له ما يحب لنفسه وإن كان كافرا أحب له الدخول