فقد روي عن بن عمر من وجه آخر أن العتاق يقع وكذلك عن بن عباس ودليلهم حديث عقبة هذا وذهب آخرون إلى تفصيل في المنذور به فإن كان المنذور به فعلا فالفعل إن كان غير مقدور فهو غير منعقد وإن كان مقدورا فإن كان جنسه واجبا لزم الوفاء به عند الهادوية ومالك وأبي حنيفة وجماعة آخرين وقول الشافعي إنه لا ينعقد النذر المطلق بل يكون يمينا فيكفرها ذكر هذا الخلاف في البحر وذهب داود وأهل الظاهر وذكر النووي في شرح مسلم أنه أجمع المسلمون على صحة النذر ووجوب الوفاء به إذا كان الملتزم طاعة فإن كان معصية أو مباحا كدخول السوق لم ينعقد النذر ولا كفارة عليه عندنا وبه قال جمهور العلماء وقال أحمد وطائفة فيه كفارة يمين وقال في نهاية المجتهد إنه وقع الاتفاق على لزوم النذر بالمال إذا كان في سبيل البر وكان على جهة الجزم وإن كان على جهة الشرط فقال مالك يلزم كالجزم ولا كفارة يمين في ذلك إلا أنه إذا نذر بجميع ماله لزم ثلث ماله إذا كان مطلقا وإن كان المنذور به معينا لزمه وإن كان جميع ماله وكذا إذا كان المعين أكثر من الثلث وذهب الشافعي إلى أنها تجب كفارة يمين لأنه ألحقها بالأيمان ثم ذكر أقاويل في المسألة لا ينهض عليها دليل وذكر متمسك القائلين بأدلة ليست من باب النذر ولا تنطبق على المدعي وحديث عقبة أحسن ما يعتمد الناظر عليه وقد حمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذر وقالوا هو مخير في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين ذكره النووي في شرح مسلم وهو الذي دل عليه إطلاق حديث عقبة ولأبي داود من حديث بن عباس مرفوعا من نذر نذرا لم يسم فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه أما النذر الذي لم يسم كأن يقول لله علي نذر فقال كثير من العلماء في ذلك كفارة يمين لا غير وعليه دل حديث عقبة وحديث بن عباس وأما النذر بالمعصية فكفارته كفارة يمين كما صرح به الحديث سواء فعل المعصية أم لا وكذلك من نذر نذرا لا يطيقه عقلا ولا شرعا كطلوع السماء وحجتين في عام لا ينعقد وتلزمه كفارة يمين وعند الشافعي ومالك وداود وجماهير العلماء لا تلزمه الكفارة لما دل عليه الحديث الآتي وهو قوله وللبخاري من حديث عائشة ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ولم يذكر كفارة وحديث عمر لا يمين عليك ولا نذر في معصية الله أخرجه بن ماجه وذهبت الهادوية وبن حنبل إلى وجوب الكفارة لحديث بن عباس رضي الله عنهما وأجيب عنه بأن الأصح أنه موقوف وأما الزيادة في حديث عمران بن حصين وكفارته كفارة يمين فقد أخرجها النسائي والحاكم والبيهقي ولكن فيه محمد بن الزبير الحنظلي