الترمذي كراهته عن بعض أهل العلم من الصحابة وقال بن المبارك يكره النذر في الطاعة والمعصية فإن نذر بالطاعة ووفى به كان له أجر وذهب النووي في شرح المهذب إلى أن النذر مستحب وقال المصنف وأنا أتعجب ممن أطلق لسانه بأنه ليس بمكروه مع ثبوت النهي الصريح فأقل درجاته أن يكون مكروها قال بن العربي النذر شبيه بالدعاء فإنه لا يرد القدر لكنه من القدر وقد ندب إلى الدعاء ونهى عن النذر لأن الدعاء عبادة عاجلة ويظهر به التوجه إلى الله والخضوع والتضرع والنذر فيه تأخير العبادة إلى حين الحصول وترك العمل إلى حين الضرورة ا ه قلت القول بتحريم النذر هو الذي دل عليه الحديث ويزيده تأكيدا تعليله بأنه لا يأتي بخير فإنه يصير إخراج المال فيه من باب إضاعة المال وإضاعة المال محرمة فيحرم النذر بالمال كما هو ظاهر قوله وإنما يستخرج به من البخيل وأما النذر بالصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ونحوها من الطاعات فلا تدخل في النهي ويدل له ما أخرجه الطبراني بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى يوفون بالنذر قال كانوا ينذرون طاعات من الصلاة والصيام وسائر ما افترض الله عليهم وهو وإن كان أثرا فهو يقويه ما ذكر في سبب نزول الآية هذا وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام في تحريمها لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافي الأليم ويشفي السقيم وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه فيحرم كما يحرم النذر على الوثن ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهي عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذي كان يفعله عباد الأصنام لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروفا وصارت تعقد اللواءات لقباض النذور على الأموات ويجعل للقادمين إلى محل الميت الضيافات وينحر في بابه النحائر من الأنعام وهذا هو بعينه الذي كان عليه عباد الأصنام فإنا لله وإنا إليه راجعون وقد أشبعنا الكلام في هذا في رسالة تطهير الاعتقاد عن درن الإلحاد والحديث ظاهر في النهي عن النذر مطلقا ما ينذر به ابتداء كمن ينذر أن يخرج من ماله كذا وما يتقرب به معلقا كأن يقول إن قدم زيد تصدقت بكذا وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة النذر كفارة يمين رواه مسلم وزاد الترمذي فيه إذا لم يسم وصححه الحديث دليل على أن من نذر بأي نذر من مال أو غيره فكفارته كفارة يمين ولا يجب الوفاء به وإلى هذا ذهب جماعة من فقهاء أهل الحديث كما قال النووي وقد أخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها في رجل جعل ماله في المساكين صدقة قالت كفارة يمين وأخرج أيضا عن أم صفية أنها سمعت عائشة رضي الله عنها وإنسان يسألها عن الذي يقول كل ماله في سبيل الله أو كل ماله في رتاج الكعبة ما يكفر ذلك قالت عائشة يكفره ما يكفر اليمين وكذا أخرجه عن عمر وبن عمر وأم سلمة قال البيهقي هذا في غير العتق