لأن بني النضير كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليها مشاة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ركب جملا أو حمارا ولم تنل أصحابه صلى الله عليه وسلم مشقة في ذلك وقوله كان ينفق على أهله أي مما استبقاه لنفسه والمراد أنه يعزل لهم نفقة سنة ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير ولا يتم عليه السنة ولهذا توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة على شعير استدانه لأهله وفيه دلالة على جواز ادخار قوت سنة وأنه لا ينافي التوكل وأجمع العلماء على جواز الادخار مما يستغله الإنسان من أرضه وأما إذا أراد أن يشتريه من السوق ويدخره فإن كان في وقت ضيق الطعام لم يجز بل يشتري ما لا يحصل به تضييق على المسلمين كقوت أيام أو شهر وإن كان في وقت سعة اشترى قوت السنة وهذا التفصيل نقله القاضي عياض عن أكثر العلماء وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنما فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة وجعل بقيتها في المغنم رواه أبو داود ورجاله لا بأس بهم الحديث من أدلة التنفيل وقد سلف الكلام فيه فلو ضمه المصنف رحمه الله إليها لكان أولى وعن أبي رافع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس الرسل رواه أبو داود والنسائي وصححه بن حبان وعن أبي رافع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أخيس بالخاء المعجمة فمثناة تحتية فسين مهملة في النهاية لا أنقضه بالعهد ولا أحبس الرسل رواه أبو داود والنسائي وصححه بن حبان في الحديث دليل على حفظ العهد والوفاء به ولو لكافر وعلى أنه لا يحبس الرسول بل يرد جوابه فكأن وصوله أمان له فلا يجوز أن يحبس بل يرد وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما قرية أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم رواه مسلم قال القاضي عياض في شرح مسلم يحتمل أن يكون المراد بالقرية الأولى هي التي لم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب بل أجلى عنها أهلها وصالحوا فيكون سهمهم فيها أي حقهم من العطاء كما تقرر في الفيء ويكون المراد بالثانية ما أخذت عنوة فيكون غنيمة يخرج منها الخمس والباقي للغانمين وهو معنى قوله هي لكم أي باقيها وقد احتج به من لم يوجب الخمس في الفيء قال بن المنذر لا نعلم أحدا قبل الشافعي قال بالخمس في الفيء باب الجزية والهدنة الأظهر في الجزية أنها مأخوذة من الإجزاء لأنها تكفي من توضع عليه في عصمة دمه والهدنة هي متاركة أهل الحرب مدة معلومة لمصلحة ومشروعية الجزية سنة تسع على الأظهر وقيل سنة ثمان