لا حق لهم فيها إلا أن يحضروا الجهاد وإليه ذهب الشافعي وذهب غيره إلى خلافه وادعوا نسخ الحديث ولم يأتوا ببرهان على نسخه المسألة الثانية في الحديث دليل على أن الجزية تؤخذ من كل كافر كتابي أو غير كتابي عربي أو غير عربي لقوله عدوك وهو عام وإلى هذا ذهب مالك والأوزاعي وغيرهما وذهب الشافعي إلى أنها لا تقبل إلا من أهل الكتاب والمجوس عربا كانوا أو عجما لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية بعد ذكر أهل الكتاب ولقوله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب وما عداهم داخلون في عموم قوله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة وقوله فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واعتذروا عن الحديث بأنه وارد قبل فتح مكة بدليل الأمر بالتحول والهجرة والآيات بعد الهجرة فحديث بريدة منسوخ أو متأول بأن المراد بعدوك من كان من أهل الكتاب قلت والذي يظهر عموم أخذ الجزية من كل كافر لعموم حديث بريدة وأما الآية فأفادت أخذ الجزية من أهل الكتاب ولم تتعرض لأخذها من غيرهم ولا لعدم أخذها والحديث بين أخذها من غيرهم وحمل عدوك على أهل الكتاب في غاية البعد وإن قال بن كثير في الإرشاد إن آية الجزية إنما نزلت بعد انقضاء حرب المشركين وعبدة الأوثان ولم يبق بعد نزولها إلا أهل الكتاب قاله تقوية لمذهب إمامه الشافعي ولا يخفى بطلان دعواه بأنه لم يبق بعد نزول آية الجزية إلا أهل الكتاب بل بقي عباد النيران من أهل فارس وغيرهم وعباد الأصنام من أهل الهند وأما عدم أخذها من العرب فلأنها لم تشرع إلا بعد الفتح وقد دخل العرب في الإسلام ولم يبق منهم محارب فلم يبق فيهم بعد الفتح من يسبي ولا من تضرب عليه الجزية بل من خرج بعد ذلك عن الإسلام منهم فليس إلا السيف أو الإسلام كما أن ذلك الحكم في أهل الردة وقد سبى صلى الله عليه وسلم قبل ذلك من العرب بني المصطلق وهوازن وهل حديث الاستبراء إلا في سبايا أوطاس واستمر هذا الحكم بعد عصره صلى الله عليه وسلم ففتحت الصحابة رضي الله عنهم بلاد فارس والروم وفي رعاياهم العرب خصوصا الشام والعراق ولم يبحثوا عن عربي من عجمي بل عمموا حكم السبي والجزية على جميع من استولوا عليه وبهذا يعرف أن حديث بريدة كان بعد نزول فرض الجزية وفرضها كان بعد الفتح فكان فرضها في السنة الثانية عند نزول سورة براءة ولذا نهى فيه عن المثلة ولم ينزل النهي عنها إلا بعد أحد وإلى هذا المعنى جنح بن القيم في الهدي ولا يخفى قوته المسألة الثالثة تضمن الحديث النهي عن إجابة العدو إلى أن يجعل لهم الأمير ذمة الله وذمة رسوله بل يجعل لهم ذمته وقد علله بأن الأمير ومن معه إذا أخفروا ذمتهم أي نقضوا عهدهم فهو أهون عند الله من أن يخفروا ذمته تعالى وإن كان نقض الذمة محرما مطلقا قيل وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم ولكن الأصل فيه التحريم ودعوى الإجماع على أنه للتنزيه لا تتم وكذلك تضمن النهي عن إنزالهم على حكم الله وعلله بأنه لا يدري أيصيب فيهم حكم الله أم لا فلا ينزلهم على شيء لا يدري أيقع أم لا بل ينزلهم