من المسجد فأقم عليه الحد وفي سنده مقال وإلى عدم جواز إقامة الحد في المسجد ذهب أحمد وإسحاق والكوفيون لما ذكر من الدليل وذهب بن أبي ليلى والشعبي إلى جوازه ولم يذكر له دليلا وكأنه حمل النهي على التنزيه قال بن بطال وقول من نزه المسجد أولى يريد قول الأولين وعن أنس رضي الله عنه قال لقد أنزل الله تعالى تحريم الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر أخرجه مسلم فيه دليل على ما سلف من تسمية نبيذ التمر خمرا عند نزول آية التحريم وعن عمر رضي الله عنه قال نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل متفق عليه وأخرجه الثلاثة أيضا ولا يقال إنه معارض بحديث أنس لأن حديث أنس إخبار عما كان من الشراب في المدينة وكلام عمر ليس فيه تقييد بالمدينة وإنما هو إخبار عما يشربه الناس مطلقا وقوله والخمر ما خامر العقل إشارة إلى وجه التسمية وظاهره أن كل ما خالط العقل أو غطاه يسمى خمرا لغة سواء كان مما ذكر أو من غيره ويدل له أيضا الحديث الآتي وعن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام أخرجه مسلم فإنه دال على أن كل مسكر يسمى خمرا وفي قوله كل مسكر حرام دليل على تحريم كل مسكر وهو عام لكل ما كان من عصير أو نبيذ وإنما اختلف العلماء في المراد بالمسكر هل يراد تحريم القدر المسكر أو تحريم ما تناوله مطلقا وإن قل ولم يسكر إذا كان في ذلك الجنس صلاحية الإسكار ذهب إلى تحريم القليل والكثير مما أسكر جنسه الجمهور من الصحابة وغيرهم وأحمد وإسحاق والشافعي ومالك والهادوية جميعا مستدلين بهذا الحديث وحديث جابر الآتي بعد هذا وبما أخرجه أبو داود من حديث عائشة كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام وبما أخرجه بن حبان والطحاوي من حديث سعد بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه وسلم قال أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره وفي معناه روايات كثيرة لا تخلو عن مقال في أسانيدها لكنها تعتضد بما سمعت قال أبو مظفر السمعاني الأخبار في ذلك كثيرة لا مساغ لأحد في العدول عنها وذهب الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر علماء البصرة إلى أنه يحل دون المسكر من غير عصير العنب والرطب وتحقيق مذهب الحنفية قد بسطه في شرح الكنز حيث قال إن أبا حنيفة قال الخمر هو النيء من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد حرم قليلها وكثيرها وقال إن الغليان من آية الشدة وكماله بقذف الزبد وبسكونه إذ به يتميز الصافي من الكدر وأحكام الشرع قطعية فتناط بالنهاية كالحدود وإكفار المستحل وحرمة البيع والنجاسة وعند صاحبيه إذا اشتد صار خمرا ولا يشترط القذف بالزبد لأن الاسم يثبت به والمعنى المقتضي للتحريم وهو المأثر في الفساد وإيقاع العداوة وأما الطلاء بكسر الطاء وهو العصير من العنب إن طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه والسكر بفتحتين وهو النيء من ماء