متفق عليه وهذا لفظ مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها بمثناة تحتية فمثلثة فراء فموحدة التعنيف لفظا ومعنى ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر متفق عليه وهذا لفظ مسلم فيه مسائل الأولى دل قوله فتبين زناها أنه إذا علم السيد بزنا أمته جلدها وإن لم تقم شهادة وذهب إليه بعض العلماء وقيل المراد إذا تبين زناها بما يتبين به في حق الحرة وهو الشهادة أو الإقرار والشهادة تقام عند الحاكم عند الأكثر وقال بعض الشافعية تقام عند السيد وفي قوله فليجلدها دليل على أن ولاية جلد الأمة إلى سيدها وإليه ذهب الشافعي وعند الهادوية أن ذلك إذا لم يكن في الزمان إمام وإلا فالحدود إليه والأول أقوى والمراد بالجلد الحد المعروف في قوله تعالى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب المسألة الثانية قوله ولا يثرب عليها ورد في لفظ النسائي ولا يعنفها وهو بمعنى ما هنا وهو نهى عن الجمع لها بين العقوبة بالتعنيف والجلد ومن قال المراد أنه لا يقنع بالتعنيف دون الجلد فقد أبعد قال بن بطال يؤخذ منه أن كل من أقيم عليه الحد لا يعزر بالتعنيف واللوم وإنما يليق ذلك بمن صدر منه قبل أن يرفع إلى الإمام للتحذير والتخويف فإذا رفع وأقيم عليه الحد كفاه ويؤيد هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن سبه الذي أقيم عليه حد الخمر وقال ولا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم وفي قوله ثم إن زنت إلى آخره دليل على أن الزاني إذا تكرر منه الزنى بعد إقامة الحد عليه تكرر عليه الحد وأما إذا زنى مرارا من دون تخلل إقامة الحد لم يجب عليه إلا حد واحد ويؤخذ من ظاهر قوله فليبعها أنه كان عليها الحد قال المصنف في الفتح الأرجح أنه يجلدها قبل البيع ثم يبيعها والسكوت عنه للعلم بأن الحد لا يترك ولا يقوم البيع مقامه المسألة الثالثة ظاهر الأمر وجوب بيع السيد للأمة وأن إمساك من تكررت منه الفاحشة محرم وهذا قول داود وأصحابه وذهب الجمهور إلى أنه مستحب لا واجب قال بن بطال حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحض على مباعدة من تكرر منه الزنى لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك فيكون ديوثا وقد ثبت الوعيد على من اتصف بالدياثة وفيه دليل على أنه لا يجب فراق الزانية لأن لفظ أمة أحدكم عام لمن يطؤها مالكها ومن لا يطؤها ولم يجعل الشارع مجرد الزنى موجبا للفراق إذ لو كان موجبا له لوجب فراقها في أول مرة بل لم يوجبه إلا في الثالثة على القول بوجوب فراقها بالبيع كما قاله داود وأتباعه وهذا الإيجاب لا لمجرد الزنى بل لتكريره لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك فيتصف بالصفة القبيحة ويجري هذا الحكم في الزوجة أنه لا يجب طلاقها وفراقها لأجل الزنى بل إن تكرر منها وجب لما عرفت قالوا وإنما أمر ببيعها في الثالثة لما ذكرنا قريبا ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنى قال وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له من الأمة فلا يشتغل به وقد ثبت النهي عن إضاعة المال فكيف يجب بيع ما له قيمة خطيرة بالحقير ا ه قلت ولا يخفى أن الظاهر مع من قال بالوجوب ولم يأت القائل بالاستحباب بدليل على عدم الإيجاب قوله وقد ثبت النهي عن إضاعة المال قلنا وثبت هنا مخصص لذلك النهي وهو هذا الأمر وقد وقع الإجماع على جواز بيع الشيء الثمين بالشيء الحقير إذا كان البائع عالما به وكذلك إذا كان جاهلا عند الجمهور وقوله ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنى فقال ليس في الأمر ببيعها قطع لذلك إذ