وفي قوله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله من لو أقسم إلى آخره تعجب منه صلى الله عليه وسلم بوقوع مثل هذا من حلف أنس على نفي فعل الغير وإصرار الغير على إيقاع ذلك الفعل وكأن قضية العادة في ذلك أن يحنث في يمينه فألهم الله تعالى الغير العفو فبر قسم أنس وأن هذا الاتفاق وقع إكراما من الله تعالى لأنس ليبر في يمينه وأنه من جملة عباد الله الذين يعطيهم الله تعالى أربهم ويجيب دعاءهم وفيه جواز الثناء على من وقع له مثل ذلك عند أمن الفتنة عليه وعن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل في عميا أو رميا بحجر أو سوط أو عصا فعقله عقل الخطأ ومن قتل عمدا فهو قود ومن حال دونه فعليه لعنة الله أخرجه أبو داود والنسائي وبن ماجه بإسناد قوي وعن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل في عميا بكسر العين المهملة وتشديد الميم والياء المثناة من تحت بالقصر فعيلى من العماء وقوله أو رميا بزنته مصدر يراد به المبالغة بحجر أو سوط أو عصا فعقله عقل الخطأ ومن قتل عمدا فهو قود ومن حال دونه فعليه لعنه الله أخرجه أبو داود والنسائي وبن ماجه بإسناد قوي قال في النهاية في تفسير اللفظين المعنى أن يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قاتله فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدية الحديث فيه مسألتان الأولى أنه دليل على أن من لم يعرف قاتله فإنها تجب فيه الدية وتكون على العاقلة وظاهره من غير أيمان قسامة وقد اختلف في ذلك فقالت الهادوية إن كان الحاضرون الذين وقع بينهم القتل منحصرين لزمت القسامة وجرى فيها حكمها من الأيمان والدية وإن كانوا غير منحصرين لزمت الدية في بيت المال وقال الخطابي اختلف هل تجب الدية في بيت المال أو لا قال إسحاق بالوجوب وتوجيهه من حيث المعنى أنه مسلم مات بفعل قوم من المسلمين فوجبت ديته في بيت مال المسلمين وذهب الحسن إلى أن ديته تجب على جميع من حضر وذلك لأنه مات بفعلهم فلا تتعداهم إلى غيرهم وقال مالك إنه يهدر لأنه إذا لم يوجد قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد وللشافعي قول إنه يقال لوليه ادع على من شئت واحلف فإن حلف استحق الدية وإن نكل حلف المدعى عليه على النفي وسقطت المطالبة وذلك لأن الدم لا يجب إلا بالطلب وإذا عرفت هذا الاختلاف وعدم المستند القوي في أي هذه الأقوال وقد عرفت أن سند الحديث قوي كما قاله المصنف علمت أن القول به أولى الأقوال المسألة الثانية في قوله ومن قتل عمدا فهو قود دليل على أن الذي يوجبه القتل عمدا هو القود عينا وفي المسألة قولان الأول أنه يجب القود عينا وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة وجماعة ويدل لهم قوله تعالى كتب عليكم القصاص وحديث كتاب الله القصاص قالوا وأما الدية فلا تجب إلا إذا رضي الجاني ولا يجبر الجاني على تسليمها والثاني للهادوية وأحمد ومالك وغيرهم وقول للشافعي إنه يجب بالقتل عمدا أحد أمرين القصاص أو الدية لقوله صلى الله عليه وسلم من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقيد وإما أن يدي أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم وأجيب عنه بأن المراد من الحديث أن ولي المقتول مخير بشرط أن يرضى الجاني أن يغرم الدية قالوا وفي هذا التأويل جمع بين الدليلين قلنا الاقتصار في الآية وفي بعض الأحاديث على بعض ما يجب لا يدل على أنه لا يجب غيره مما