ويدل عليه قوله وما في هذه الصحيفة فلا يلزم منه نفي ما نسب إلى علي رضي الله عنه من الجفر وغيره وقد يقال إن هذا داخل تحت قوله إلا فهم يعطيه الله تعالى رجلا في القرآن فإنه كما نسب إلى كثير ممن فتح الله عليه بأنواع العلوم ونور بصيرته أنه يستنبط ذلك من القرآن والحديث قد اشتمل على مسائل الأولى العقل وهو الدية ويأتي تحقيقها والثانية فكاك الأسير أي حكم تخليص الأسير من يد العدو وقد ورد الترغيب في ذلك والثالثة عدم قتل المسلم بالكافر قودا وإلى هذا ذهب الجماهير وأنه لا يقتل ذو عهد في عهده فذو العهد الرجل من أهل دار الحرب يدخل علينا بأمان فإن قتله محرم على المسلم حتى يرجع إلى مأمنه فلو قتله مسلم فقالت الحنفية يقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق ولا يقتل بالمستأمن واحتجوا بقوله في الحديث ولا ذو عهد في عهده فإنه معطوف على قوله مؤمن فلا بد من تقييد في الثاني كما في الطرف الأول فيقدر ولا ذو عهد في عهده بكافر ولا بد من تقييد الكافر في المعطوف بلفظ الحربي لأن الذمي يقتل بالذمي ويقتل بالمسلم وإذا كان التقييد لا بد منه في المعطوف وهو مطابق للمعطوف عليه فلا بد من تقدير مثل ذلك في المعطوف عليه فيكون التقدير ولا يقتل مؤمن بكافر حربي ومفهوم حربي أنه يقتل بالذمي بدليل مفهوم المخالفة وإن كانت الحنفية لا تعمل بالمفهوم فهم يقولون إن الحديث يدل على أنه لا يقتل بالحربي صريحا وأما قتله بالذمي فبعموم قوله تعالى النفس بالنفس ولما أخرجه البيهقي من أنه صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد وقال أنا أكرم من وفى بذمته وهو حديث مرسل من حديث عبد الرحمن بن البيلماني وقد روي مرفوعا قال البيهقي وهو خطأ وقال الدارقطني بن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله قال أبو عبيد القاسم بن سلام هذا الحديث ليس بمسند ولا يجعل مثله إماما تسفك به دماء المسلمين وذكر الشافعي في الأم إن حديث بن البيلماني كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو بن أمية الضمري قال فعلى هذا لو ثبت لكان منسوخا لأن حديث لا يقتل مسلم بكافر خطب به النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كما في رواية عمرو بن شعيب وقصة عمرو بن أمية متقدمة قبل ذلك بزمان هذا وأما ما ذكرته الحنفية من التقدير فقد أجيب عنه بأنه لا يجب التقدير لأن قوله ولا ذو عهد في عهده كلام تام فلا يحتاج إلى إضمار لأن الإضمار خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا لضرورة فيكون نهيا عن قتل المعاهد وقولهم إن قتل المعاهد معلوم وإلا لم يكن للعهد فائدة فلا حاجة إلى الإخبار به