إذا كانت الأطهار فإنها تنقضي بالطعن في الحيضة الرابعة أو الثالثة فكتمان الحيض يلزم منه عدم معرفة انقضاء الطهر الذي تتم به العدة فتكون دلالة الآية على أن الأقراء الأطهار أظهر وعن الحديث الأول بأن الأصح أن لفظه كما قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع بن سليمان بن يسار عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتنتظر عداد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ثم لتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتصل وهذه رواية نافع ونافع أحفظ من سليمان بن يسار الراوي لذلك اللفظ هذا حاصل ما نقل عن الشافعي من رده للحديث الأول وعن الحديث الثاني بأنه لا شك أن الاستبراء ورد بحيضة وهو النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول جمهور الأمة والفرق بين الاستبراء والعدة أن العدة وجبت قضاء لحق الزوج فاختصت بزمان حقه وهو الطهر وبأنها تتكرر فيعلم فيها البراءة بواسطة الحيض بخلاف الاستبراء واعلم أنه قد أكثر الاستدلال المتنازعون في المسألة من الطرفين كل يستدل على ما ذهب إليه وغاية ما أفادت الأدلة أنه أطلق القرء على الحيض وأطلق على الطهر وهو في الآية محتمل كما عرفت فإن كان مشتركا كما قاله جماعة فلا بد من قرينة معينة لأحد معنييه وإن كان في أحدهما حقيقة وفي الآخر مجازا فالأصل الحقيقة ولكنهم مختلفون هل هو حقيقة في الحيض مجاز في الطهر أو العكس قال الأكثرون بالأول وقال الأقلون بالثاني فالأولون يحملونه في الآية على الحيض لأنه الحقيقة والأقلون على الطهر ولا ينهض دليل على تعين أحد القولين لأن غاية الموجود في اللغة الاستعمال في المعنيين وللمجاز علامات من التبادر وصحة النفي ونحو ذلك ولا ظهور لها هنا وقد أطال بن القيم الاستدلال على أنه الحيض واستوفى المقال قال السيد رحمه الله ولم يقهرنا دليله إلى تعيين ما قاله ومن أدلة القول بأن الأقراء الحيض قوله وعن بن عمر رضي الله عنهما قال طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان رواه الدارقطني وأخرجه مرفوعا وضعفه وأخرجه أبو داود والترمذي وبن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها وصححه الحاكم وخالفوه فاتفقوا على ضعفه وعن بن عمر رضي الله عنهما طلاق الأمة المزوجة تطليقتان وعدتها حيضتان رواه الدارقطني موقوفا على بن عمر وأخرجه مرفوعا وضعفه لأنه من رواية عطية العوفي وقد ضعفه غير واحد من الأئمة وأخرجه أبو داود والترمذي وبن ماجه من حديث عائشة بلفظ طلاق الأمة طلقتان وقرؤها حيضتان وهو ضعيف لأنه من حديث مظاهر بن مسلم قال فيه أبو حاتم منكر الحديث وقال بن معين لا يعرف وصححه الحاكم وخالفوه فاتفقوا على ضعفه لما عرفته فلا يتم به الاستدلال للمسألة الأولى واستدل به هنا على أن الأمة تخالف الحرة فتبين على الزوج بطلقتين وتكون عدتها قرأين واختلف العلماء في المسألة على أربعة أقوال أقواها ما ذهب إليه الظاهرية من أن طلاق العبد والحر سواء لعموم النصوص الواردة في الطلاق من غير فرق بين حر وعبد وأدلة التفرقة كلها غير ناهضة وقد سردها في الشرح فلا حاجة بالإطالة بذكرها مع عدم نهوض دليل قول منها عندنا وأما عدتها فاختلف أيضا فيها فذهبت الظاهرية إلى أنها كعدة الحرة قال أبو محمد بن حزم لأن الله علمنا العدد في الكتاب فقال والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وقال واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وقد علم الله تعالى إذ أباح لنا الإماء أن عليهن العدد