قال فأمسكها وعن بن عباس رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي لا ترد يد لامس قال غربها بالغين المعجمة والراء وباء موحدة قال في النهاية أي أبعدها يريد الطلاق قال أخاف أن تتبعها نفسي قال فاستمتع بها رواه أبو داود والترمذي والبزار ورجاله ثقات وأطلق عليه النووي الصحة لكنه نقل بن الجوزي عن أحمد أنه قال لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء وليس له أصل فتمسك بهذا بن الجوزي وعده في الموضوعات مع أنه أورده بإسناد صحيح وأخرجه النسائي من وجه آخر عن بن عباس بلفظ طلقها قال لا أصبر عنها قال فأمسكها اختلف العلماء في تفسير قوله لا ترد يد لامس على قولين الأول أن معناه الفجور وأنها لا تمنع من يريد منها الفاحشة وهذا قول أبي عبيد والخلال والنسائي وبن الأعرابي والخطابي واستدل به الرافعي على أنه لا يجب تطليق من فسقت بالزنى إذا كان الرجل لا يقدر على مفارقتها والثاني أنها تبذر بمال زوجها ولا تمنع أحدا طلب منها شيئا منه وهذا قول أحمد والأصمعي ونقله عن علماء الإسلام وأنكر بن الجوزي على من ذهب إلى الأول قال في النهاية وهو أشبه بالحديث لأن المعنى الأول يشكل على ظاهر قوله تعالى وحرم ذلك على المؤمنين وإن كان في معنى الآية وجوه كثيرة قلت الوجه الأول في غاية من البعد بل لا يصح للآية ولأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر الرجل أن يكون ديوثا فحمله على هذا لا يصح والثاني بعيد لأن التبذير إن كان بمالها فمنعها ممكن وإن كان من مال الزوج فكذلك ولا يوجب أمره بطلاقها على أنه لم يتعارف في اللغة أن يقال فلان لا يرد يد لامس كناية عن الجود فالأقرب المراد أنها سهلة الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب لا أنها تأتي الفاحشة وكثير من النساء والرجال بهذه المثابة مع البعد من الفاحشة ولو أراد به أنها لا تمنع نفسها عن الوقاع من الأجانب لكان قاذفا لها وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية المتلاعنين أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولم يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين أخرجه أبو داود والنسائي وبن ماجه وصححه بن حبان وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية المتلاعنين أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه أي يعلم أنه ولده احتجب الله عنه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين أخرجه أبو داود والنسائي وبن ماجه وصححه بن حبان وقد تفرد به عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولا يعرف عبد الله إلا بهذا الحديث ففي تصحيحه نظر وصححه أيضا الدارقطني مع اعترافه بتفرد عبد الله وفي الباب عن بن عمر عند البزار وفيه إبراهيم بن يزيد الجوزي ضعيف وأخرج أحمد من طريق مجاهد عن بن عمر نحوه أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبيه عن وكيع وقال تفرد به وكيع ومعنى الحديث واضح وعن عمر رضي الله عنه قال من أقر بولده طرفة عين فليس له أن ينفيه أخرجه البيهقي وهو حسن موقوف وعن عمر رضي الله عنه قال من أقر بولده طرفة عين فليس له أن ينفيه أخرجه البيهقي وهو حسن موقوف فيه دليل على أنه لا يصح النفي للولد بعد الإقرار به وهو مجمع عليه واختلف فيما إذا سكت بعد علمه به ولم ينفه فقال المؤيد إنه يلزمه وإن لم يعلم أن له النفي لأن ذلك حق يبطل بالسكوت وذلك كالشفيع إذا أبطل شفعته قبل علمه باستحقاقها وذهب أبو طالب إلى أن له النفي متى علم إذ لا يثبت التخيير من دون علم فإن سكت عند العلم لزم ولم يمكن من النفي بعد ذلك ولا يعتبر عنده فور ولا تراخ بل السكوت كالإقرار وقال الإمام يحيى والشافعي بل يكون نفيه على الفور قال وحد الفور ما لم يعد تراخيا عرفا كما لو اشتغل بإسراج دابته أو لبس ثيابه أو نحو ذلك لم يعد تراخيا ولهم في المسألة تقادير ليس عليها دليل إلا الرأي وفروع على غير أصل أصيل وعن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود قال هل لك من إبل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال نعم قال فأنى ذلك قال لعله نزعه عرق قال فلعل ابنك هذا نزعه عرق متفق عليه وفي رواية لمسلم وهو يعرض بأن ينفيه وقال في آخره ولم يرخص له في الانتفاء منه