جوازه الجماهير وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث وهذا إذا نوى الصيام في السفر فأما إذا دخل فيه وهو مقيم ثم سافر في أثناء يومه فذهب الجمهور إلى أنه ليس له الإفطار وأجازه أحمد وإسحاق وغيرهم والظاهر معهم لأنه مسافر وأما الأفضل فذهبت الهادوية وأبو حنيفة والشافعي إلى أن الصوم أفضل للمسافر حيث لا مشقة عليه ولا ضرر فإن تضرر فالفطر أفضل وقال أحمد وإسحاق وآخرون الفطر أفضل مطلقا واحتجوا بالأحاديث التي احتج بها من قال لا يجزئ الصوم قالوا وتلك الأحاديث وإن دلت على المنع لكن حديث حمزة بن عمرو الآتي وقوله ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه أفاد بنفيه الجناح أنه لا بأس به لا أنه محرم ولا أفضل واحتج من قال بأن الصوم الأفضل أنه كان غالب فعله صلى الله عليه وسلم في أسفاره ولا يخفى أنه لا بد من الدليل على الأكثرية وتأولوا أحاديث المنع بأنه لمن شق عليه الصوم وقال آخرون الصوم والإفطار سواء لتعادل الأحاديث في ذلك وهو ظاهر حديث أنس سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم وظاهره التسوية وعن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه هو أبو صالح أو محمد حمزة بالحاء المهملة وزاي يعد في أهل الحجاز روى عنه ابنه محمد وعائشة مات سنة إحدى وستين وله ثمانون سنة أنه قال يا رسول الله أجد في قوة على الصيام في السفر فهل على جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه رواه مسلم وأصله في المتفق عليه من حديث عائشة أن حمزة بن عمرو سأل وفي لفظ مسلم إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر قال صم إن شئت وأفطر إن شئت ففي هذا اللفظ دلالة على أنهما سواء وتقدم الكلام في ذلك وقد استدل بالحديث من يرى أنه لا يكره صوم الدهر وذلك أنه أخبر أنه يسرد الصوم فأقره ولم ينكر عليه وهو في السفر ففي الحضر بالأولى وذلك إذا كان لا يضعف به عن واجب ولا يفوت بسببه عليه حق وبشرط فطره العيدين والتشريق وأما إنكاره صلى الله عليه وسلم على بن عمرو صوم الدهر فلا يعارض هذا إلا أنه علم صلى الله عليه وسلم أنه سيضعف عنه وهكذا كان فإنه ضعف آخر عمره وكان يقول يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يحب العمل الدائم وإن قل ويحثهم عليه وعن بن عباس رضي الله عنهما قال رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه رواه الدارقطني والحاكم وصححاه اعلم أنه اختلف الناس في قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين والمشهور أنها منسوخة وأنه كان أول فرض الصيام أن من شاء أطعم مسكينا وأفطر ومن شاء صام ثم نسخت بقوله تعالى وأن تصوموا خير لكم وقيل بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقال قوم هي غير منسوخة منهم بن عباس كما هنا وروي عنه أنه كان يقرؤها وعلى الذين يطوقونه أي يكلفونه ويقول ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الهرمة وهذا هو الذي أخرجه