مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد بفتح حرف المضارعة أي تخرج القمامة منه وهي الكناسة فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ماتت فقال أفلا كنتم آذنتموني فكأنهم صغروا أمرها فقال دلوني على قبرها أي بعد قولهم في جواب سؤاله إنها ماتت فدلوه فصلى عليها متفق عليه وزاد مسلم أي من رواية أبي هريرة ثم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم وهذه الزيادة لم يخرجها البخاري لأنها مدرجة من مراسيل ثابت كما قال أحمد هذا والمصنف جزم أن القصة كانت مع امرأة وفي البخاري أن رجلا أسود أو امرأة سوداء بالشك من ثابت الراوي لكنه صرح في رواية أخرى في البخاري عن ثابت قال ولا أراه إلا امرأة وبه جزم بن خزيمة من طريق أخرى عن أبي هريرة فقال امرأة سوداء ورواه البيهقي أيضا بإسناد حسن وسماها أم محجن وأفاد أن الذي أجابه صلى الله عليه وسلم عن سؤاله هو أبو بكر وفي البخاري عوض فسأل عنها فقال ما فعل ذلك الإنسان قالوا مات يا رسول الله الحديث والحديث دليل على صحة الصلاة على الميت بعد دفنه مطلقا سواء صلى عليه قبل الدفن أم لا وإلى هذا ذهب الشافعي ويدل له أيضا صلاته صلى الله عليه وسلم على البراء بن معرور فإنه مات والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فلما قدم صلى على قبره وكان ذلك بعد شهر من وفاته ويدل له أيضا صلاته صلى الله عليه وسلم على الغلام الأنصاري الذي دفن ليلا ولم يشعر صلى الله عليه وسلم بموته أخرجه البخاري ويدل له أيضا أحاديث وردت في الباب عن تسعة من الصحابة أشار إليها في الشرح وذهب أبو طالب تحصيلا لمذهب الهادي إلى أنه لا صلاة على القبر واستدل له في البحر بحديث لا يقوى على معارضة أحاديث المثبتين لما عرفت من صحتها وكثرتها واختلف القائلون بالصلاة على القبر في المدة التي تشرع فيها الصلاة فقيل إلى شهر بعد دفنه وقيل إلى أن يبلى الميت لأنه إذا بلي لم يبق ما يصلي عليه وقيل أبدا لأن المراد من الصلاة عليه الدعاء وهو جائز في كل وقت قلت هذا هو الحق إذ لا دليل على التحديد بمدة وأما القول بأن الصلاة على القبر من خصائصه صلى الله عليه وسلم فلا تنهض لأن دعوى الخصوصية خلاف الأصل وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن النعي رواه أحمد والترمذي وحسنه وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن النعي في القاموس نعاه له نعيا ونعيا ونعيانا أخبره بموته رواه أحمد والترمذي وحسنه وكأن صيغة النهي هي ما أخرجه الترمذي من حديث عبد الله عنه صلى الله عليه وسلم إياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية فإن صيغة التحذير في معنى النهي وأخرج حديث حذيفة وفيه قصة فإنه ساق سنده إلى حذيفة أنه قال لمن حضره إذا مت فلا يؤذن أحد فإني أخاف أن يكون نعيا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي هذا لفظه ولم يحسنه ثم فسر الترمذي النعي بأنه عندهم أن ينادي في الناس إن فلانا مات ليشهدوا جنازته وقال بعض أهل العلم لا بأس أن يعلم الرجل قرابته وإخوانه وعن إبراهيم أنه قال لا بأس أن يعلم الرجل قرابته انتهى وقيل المحرم ما كانت تفعله الجاهلية كانوا يرسلون من يعلم بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق وفي النهاية والمشهور في العرب أنهم كانوا إذا مات فيهم شريف أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل ينعاه إليهم يقول نعاء فلانا أو يا نعاء العرب هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان انتهى ويقرب عندي أن هذا هو