بكل رسول فرسل بني إسرائيل يسمون أنبياء في حق الفريقين بنوا على قبره مسجدا وفيه أولئك شرار الخلق اسم الإشارة عائد إلى الفريقين وكفى به ذما والمراد من الاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعا أو اتباعا فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا فجاءت برجل فربطوه بسارية من سواري المسجد الحديث متفق عليه الرجل هو ثمامة بن أثال صرح بذلك في الصحيحين وغيرهما وليس فيه أن الربط عن أمره صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم قرر ذلك لأن في القصة أنه كان يمر به ثلاثة أيام ويقول ما عندك يا ثمامة الحديث وفيه دليل على جواز ربط الأسير بالمسجد وإن كان كافرا وأن هذا تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم إن المسجد لذكر الله والطاعة وقد أنزل صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف في المسجد قال الخطابي فيه جواز دخول المشرك المسجد إذا كان له فيه حاجة مثل أن يكون له غريم في المسجد لا يخرج إليه ومثل أن يحاكم إلى قاض هو في المسجد وقد كان الكفار يدخلون مسجده صلى الله عليه وسلم ويطيلون فيه الجلوس وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد وأما قوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام فالمراد به لا يمكنون من حج ولا عمرة كما ورد في القصة التي بعث لأجلها صلى الله عليه وسلم بايات براءة إلى مكة وقوله فلا يحجن بعد هذا العام مشرك وكذلك قوله تعالى ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لا يتم بها دليل على تحريم المساجد على المشركين لأنها نزلت في حق من استولى عليها وكانت له الحكمة والمنعة كما وقع في سبب نزول الاية الكريمة فإنها نزلت في شأن النصارى واستيلائهم على بيت المقدس وإلقاء الأذى فيه والأزبال أو أنها نزلت في شأن قريش ومنعهم له صلى الله عليه وسلم عام الحديبية عن العمرة وأما دخوله من غير استيلاء ومنع وتخريب فلم تفده الاية الكريمة وكأن المصنف ساقه لبيان جواز دخول المشرك المسجد وهو مذهب إمامه فيما عدا المسجد الحرام وعنه أن عمر رضي الله عنه مر بحسان ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك متفق عليه وعنه أي أبي هريرة أن عمر رضي الله عنه مر بحسان بالحاء المهملة مفتوحة فسين مهملة مشددة هو بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن أطال بن عبد البر في ترجمته في الاستيعاب قال وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة علي عليه السلام وقيل بل مات سنة خمسين وهو بن مائة وعشرين سنة ينشد بضم حرف المضارعة وسكون النون وكسر الشين المعجمة في المسجد فلحظ إليه أي نظر إليه وكأن حسان فهم منه نظر الإنكار فقال قد كنت أنشد فيه وفيه أي المسجد من هو خير منك يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه وقد أشار البخاري في باب بدء الخلق في هذه القصة أن حسانا أنشد في المسجد ما أجاب به المشركين عنه صلى الله عليه وسلم ففي الحديث دلالة على جواز إنشاد الشعر في المسجد