الدور وأن تنظف عن الأقذار وتطيب رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصحح إرساله والتطييب بالبخور ونحوه والأمر بالبناء للندب لقوله أينما أدركتك الصلاة فصل أخرجه مسلم ونحوه عند غيره قيل وعلى إرادة المعنى الأول في الدور ففي الحديث دليل على أن المساجد شرطها قصد التسبيل إذ لو كان يتم مسجدا بالتسمية لخرجت تلك الأماكن التي اتخذت في المساكن عن ملك أهلها وفي شرح السنة أن المراد المحال التي فيها الدور ومنه سأريكم دار الفاسقين لأنهم كانوا يسمون المحال التي اجتمعت فيها القبيلة دارا قال سفيان بناء المساجد في الدور يعني القبائل وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق عليه وزاد مسلم والنصارى ولهما من حديث عائشة كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وفيه أولئك شرار الخلق وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل الله اليهود أي لعن كما جاء في رواية وقيل معناه قتلهم وأهلكهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق عليه وفي مسلم عن عائشة قالت إن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة واتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها أو بمعنى الصلاة عليها وفي مسلم لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ولا عليها قال البيضاوي لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها اتخذوها أوثانا لهم ومنع المسلمين من ذلك قال وأما من اتخذ مسجدا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا لتعظيم له ولا لتوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد قلت قوله لا لتعظيم له يقال اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبيه بعبدة الأوثان الذين يعظمون الجمادات التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية ولأنه سبب لإيقاد السرج عليها الملعون فاعله ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر وقد خرج أبو داود والترمذي والنسائي وبن ماجه عن بن عباس قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج وزاد مسلم والنصارى زاد في حديث أبي هريرة هذا بعد قوله اليهود وقد استشكل ذلك لأن النصارى ليس لهم نبي إلا عيسى عليه السلام إذ لا نبي بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي في السماء وأجيب بأنه كان فيهم أنبياء غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول وأن المراد من قوله أنبيائهم المجموع من اليهود والنصارى أو المراد الأنبياء وكبار أتباعهم واكتفى بذكر الأنبياء ويؤيد ذلك قوله في رواية مسلم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ولهذا لما أفرد النصارى كما في ولهما من حديث عائشة كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وفيه أولئك شرار الخلق ولهما أي البخاري ومسلم من حديث عائشة كانوا إذا مات فيهم أي النصارى قال الرجل الصالح ولما أفرد اليهود كما في حديث أبي هريرة قال أنبيائهم وأحسن من هذا أن يقال أنبياء اليهود أنبياء النصارى لأن النصارى مأمورون بالإيمان