ووجه ذلك أن الحقيقة موضوعة وضعا أوليا أي كلمة استعملت في غير ما وضعت له من أول الأمر والمجاز موضوع وضعا ثانويا لأنه كلمة استعملت فيما وضعت له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي كأسد فإنه في الأصل موضوع للحيوان المفترس ثم تستعمله في الرجل الشجاع فتقول رأيت أسدا في الحمام مثلا فكل من المجاز والحقيقة موضوع وضعا لغويا لكن الحقيقة وضعها أصلي لا يحتاج لقرينة ولا لعلاقة والمجاز وضعه عرضى يحتاج لعلاقة وقرينة قوله المراد به المملوك لله تعالى إنما اقتصر على ذلك المعنى لشموله وعمومه قال تعالى أي إن كل من في السموات والأرض إلا اتي الرحمن عبدا أي أي مملوكا وهو المسمى بعبد الإيجاد المحتاج إليه تعالى إلخ هذا التفسير يصلح لكون الفقير صفة مشبهة أو صيغة مبالغة ولا يخلو عبد منهما دنيا ولا أخرى ولو وكلنا مولانا طرفة عين لأنفسنا لهلكنا قوله المنكسر الحزين يشير بذلك إلى أن في كلام المصنف استعارة تبعية حيث شبه حزن القلب بالانكسار الذي هو تفرق أجزاء الشيء الصلب بجامع التلف والتشتت في كل واستعار اسم المشبه به للمشبه واشتق منه منكسر بمعنى حزين والقرينة إضافته للفؤاد قوله مجاز أي عقلي من إسناد ما للكل للبعض الذي هو الفؤاد وإنما خص الفؤاد دون سائر الأعضاء لأنه محله ولذلك قال علماء البيان إذاأسند ما للكل للجزء لا بد أن يكون لذلك الجزء مزية تميزه إذا علمت ما تقدم من الاستعارة وما هنا من المجاز العقلي ففي كلامه مجاز على مجاز قوله علة لانكسار فؤاده أي حزنه إنما جاء من رؤية التقصير في حقوق الله وهذا سنة العارفين بربهم لا يرون لأنفسهم عملا كما قال السيد البكري إلهي إني أخاف أن تعذبني بأفضل أعمالي قوله كقول الشيخ إلخ المراد به الشيخ خليل قوله بيان أي عطف بيان ويصح أن يكون بدلا لأن نعت المعرفة إذا تقدم عليها يعرب بحسب العوامل وتعرب منه بدلا أو عطف بيان بخلاف نعت النكرة إذا تقدم عليها فيعرب حالا وتعرب هي على ما كانت عليه كقول الشاعر لمية موحشا طلل