صاحب الاستيعاب انتهى واختلف في علة كراهية الماء المستعمل أو المنع منه على أقوال فقيل لأنه أديت به عبادة وقيل أزال المانع وقيل لكونه لا يعلم سلامته من الأوساخ وقيل إنه قد ذهبت قوته في عبادة فلا يقوى لعبادة أخرى وقيل لأنه ماء الذنوب وقيل لأنه لم ينقل عن السلف جمع ذلك واستعماله والراجح في تعليل الكراهة كونه مختلفا في طهوريته واقتصر في الذخيرة على التعليلين الأولين قال فإن انتفيا كما في الغسلة الرابعة في الوضوء فلا منع وإن وجد أحدهما كالمستعمل في الغسلة الثانية والثالثة وفي الأوضية المستحبة وفي غسل الذمية من الحيض احتمل الخلاف في ذلك انتهى وأصله لابن عرفة تنبيهات الأول قال أبو الحسن عن ابن أبي زمنين صورة الماء المستعمل أن يسيل الماء في صحفة أوطست أو ما أشبهه يغتسل في قصرية وهو نقي الجسم انتهى وقال غيره المستعمل في الحدث هو ما قطر على الأعضاء أو اتصل بها في وضوء أو جنابة بشرط سلامتها من النجس والوسخ وإلا فهو ماء حلته نجاسة أو ماء مضاف فله حكم ذلك وهذا الأخير نحوه في التوضيح وفي كلام الشارح وقد يتجادر منه أن الماء بمجرد اتصاله بالعضو يصير مستعملا وليس ذلك بمراد لهم فقد قال في الذخيرة الماء المتنازع فيه وهو المجموع عن الأعضاء لا ما يفضل في الإناء بعد الطهارة ولا المستعمل في بعض العضو إذا جرى للبعض الآخر وقال في فروقه لا خلاف أن الماء ما دام في العضو طهور وصرح بذلك غير واحد فيحتمل قوله واتصل بها على أن المراد إن وضع المتوضىء أو المغتسل أعضاءه في الماء وغسلها فيه الثاني قال ابن عبد السلام ينبغي أن ينظر هل يتحقق من المذهب اشتراط اليسارة في كراهة الماء المستعمل أم لا فإن ثبت اشتراطها فهل تنتفي الكراهة بتكثيره بماء أوضية أخرى وهو الظاهر أو لا تنتفي الكراهة وإذا زالت الكراهة عن هذا الكثير ثم فرق حتى كان كل جزء منه يسيرا هل تعود الكراهة أم لا والظاهر أنها لا تعود بزوالها ولا موجب لعودها والله أعلم انتهى قلت في كلامه ميل إلى اشتراط اليسارة في الحكم بكراهة المستعمل واعلم أن هذا المستعمل له صورتان كما تقدم إحداهما أن يتقاطر الماء عن الأعضاء والثانية أن يتصل بالأعضاء كأن يغتسل في قصرية ونحوها فأما الصورة الأولى فلا شك أن المتقاطر عن الأعضاء يسير وأما الثانية فقد يكون الماء كثيرا وقد يكون يسيرا ولا شك أن المحكوم له بالكراهة هو اليسير قال ابن عرفة وفيها إن اغتسل في ماء حياض الدواب حيث غسل أذاه قبل دخولها فلا بأس به وإن اغتسل في قصرية فلا خير في مائها وإن كان غير جنب فلا بأس به وقال ابن الحاجب وقال في مثل حياض الدواب لا بأس به قال في التوضيح أي لكثرته والظاهر أن هذا ليس مرادا لابن عبد السلام لوضوحه ولذلك لو صب على الماء المستعمل ماء مطلق غير مستعمل حتى صار كثيرا فلا يشك أن ذلك غير مراد له وإنما يقع التردد في المسألة التي فرضها وهي ما إذا جمع الماء المستعمل في أوضية أو اغتسال حتى صار كثيرا فهل تنتفي الكراهة عنه أم لا فاختار انتفاء الكراهة وهو خلاف ما اختاره ابن الإمام فإنه قال والظاهر أن ما حكم عليه بأنه مستعمل وجمع حتى صار كثيرا فحكمه حكم المستعمل لأنه لما ثبت كراهة كل جزء منه حال الانفراد كان للمجموع حكم أجزائه انتهى قلت وهذا هو الظاهر وفي كلامه ما يقتضي الجزم باشتراط اليسارة في كراهة الماء المستعمل والله أعلم الثالث قال أبو محمد بن أبي زيد فيمن لم يكن معه من الماء إلا قدر ما يغسل به وجهه وذراعيه إنه إن كان يقدر على جمع ما يسقط من أعضائه فعل وغسل بذلك الماء باقي أعضائه ويصير كمن لم يجد إلا ما توضأ به مرة نقله عنه ابن يونس وأبو الحسن وابن عرفة وابن ناجي وغيرهم وجعله