مقصودا في نفسه وبين قصده للمقصود منه دونه فالأول كقصده الوضوء والثاني كقصده استباحة الصلاة فإن نوى الصلاة أو شيئا لا يقدم عليه إلا بارتفاع الحدث الذي هو الاستباحة صح لاستلزام هذه الأمور رفع الحدث ويتعلق بهذا فروع يأتي ذكرها التاسع في معنى قول الفقهاء المتطهر ينوي رفع الحدث وقد تقدم الكلام على هذا عند قول المصنف يرفع الحدث العاشر في معنى قول الفقهاء النية تقبل الرفض وفي معنى عزوبها وسيأتي عند قول المصنف وعزوبها بعده ورفضها مغتفر والله تعالى أعلم فهذا ما يتعلق بالكلام على الأبحاث المتعلقة بالنية مختصرا من كلام القرافي في الذخيرة وكتاب الأمنية ومما نقله صاحب الجمع عن ابن راشد ومن التوضيح ولنرجع إلى حل كلام المصنف فقوله ونية رفع الحدث عند وجهه أو الفرض أو استباحة ممنوع يشير به إلى أن كيفية النية ثلاثة أوجه لأن النية كما تقدم هي القصد إلى الشيء والعزم عليه قاله المازري وغيره فالنية في الوضوء هي القصد إليه بتخصيصه ببعض أحكامه كرفع الحدث أي الوصف القائم بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية أو المنع المترتب على ذلك الوصف إذ هما متلازمان كما تقدم عند قوله يرفع الحدث وهذا هو الفرق بين التيمم والوضوء فإن في الوضوء ينوي المنع من الصلاة مطلقا فرضها ونفلها ورفع المنع من غيرها من طواف ومس مصحف وأما في التيمم فلا تصح الصلاة حتى ينوي استباحة الصلاة المعينة انظر ابن عرفة وانظر كلام التوضيح في شرح قول ابن الحاجب ولو نوى ما يستحب له الوضوء وقوله أو الفرض أي امتثال أمر الله تعالى بأداء ما افترض عليه أو استباحة ما كان الحدث مانعا منه سواء نوى استباحة جميعه أو استباحة شيء واحد فإنه يستبيح الجميع على المشهور كما سيأتي قال ابن بشير والمطلوب من النية في الطهارة أن ينوي أحد ثلاثة أشياء إما رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو امتثال الأمر وهذه متى حضر ذكر جميعها فلا يمكن أن يقصد ذكر أحدها دون الآخر بل هي متلازمة وإن خطر بباله بعضها أجزأ عن جميعها ولو خطر بباله جميعها وقصد بطهارته بعضها ناويا عدم حصول الآخر فالطهارة باطلة لأن النية غير حاصلة ومثاله أن يقول أرفع الحدث ولا أستبيح الصلاة أو أستبيح الصلاة ولا أرفع الحدث أو أمتثل أمر الله تعالى في الإيجاب ولا أستبيح الصلاة ولا رفع الحدث فهذا أتى بنية متضادة شرعا فتتنافى النية وتكون كالعدم انتهى وقال في الجواهر وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو ما لا يستباح إلا بطهارة وأداء فرض الوضوء انتهى ويفهم من كلام ابن بشير أنه لو نوى فرض الوضوء أو الوضوء الذي أمر الله به لصح وضؤوه تنبيه قال العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد ابن مرزوق التلمساني في قول المصنف أو الفرض هذه النية إذا صاحبت وقت الفرض فلا إشكال وإن تقدمته ففي صحتها نظر لأنه لم يجب فإن قلت قد رخصوا في الوضوء قبل الوقت قلت أما نية رفع الحدث أو استباحة ما لا يستباح إلا به فظاهر وأما نية الفرض فمشكل لأنه إذا نوى فرضية وضوئه ذلك فكذب لأن وقته لم يحضر وإن نوى فرض الوضوء من حيث الجملة لم يصح لأن النية إنما شرعت لتمييز المنوي وإن نوى فرض ما يأتي لم يصح الجزم به لأنه لا يدري هل يصل إليه أو لا وإن نوى إن بقيت لم يصح أيضا للتردد في النية كمغتسل قال إن كنت جنبا فهذا له انتهى قلت قد تقدم في مقدمة هذا الكتاب عن القرافي أن الفرض له معنيان أحدهما ما يأثم بتركه والثاني ما يتوقف عليه الشيء وإن لم يأثم بتركه كقولنا الوضوء للنافلة واجب وهو أعم من الأول والفرض المنوي هنا بالمعنى الثاني أي ما يتوقف عليه الإتيان بالأشياء التي منع منها الحدث فهو