في ذلك على طيب النفس والرضا بقول أو فعل وإن كان ذلك الفعل معاطاة ولما كان الفعل مختلفا في انعقاد البيع به نبه على ذلك المصنف بقوله وإن بمعاطاة يعني أن الدلالة على الرضا يكفي فيها الفعل لأنه يدل على الرضا في كثير من الأمور دلالة عرفية وإن كان ذلك الفعل معاطاة وعلم من هذا أن بيع المعاطاة المحضة العاري عن القول من الجانبين لا بد فيه من حضور الثمن والمثمن ولذا قال ابن عرفة أثناء كلامه في بيعتين في بيعة وبياعات زماننا في الأسواق إنما هي بالمعاطاة فهي منحلة قبل قبض المبيع انتهى وعلم من المبالغة بقوله وإن بمعاطاة أن البيع ينعقد بالمعاطاة من جهة والقول من جهة الأحرى من باب أخرى وسيصرح بذلك وعلم أيضا أنه ينعقد بكل قول يدل على الرضا وبالإشارة الدالة على ذلك وهي أولى بالجواز من المعاطاة لأنها يطلق عليها أنها كلام قال الله تعالى آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا والرمز الإشارة وقال ابن عرفة الصيغة ما دل عليه ولو معاطاة في حمالتها ما فهم أن الأخرس فهمه من كفالة أو غيرها لزمه الباجي كل إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم منها البيع انتهى قلت وغير الأخرس كالأخرس قاله أبو الحسن في شرح مسألة المدونة المذكور ونصه وكذا غير الأخرس إذا فهم عنه بالإشارة وإنما ذكر الأخرس لأنه لا يتأتى منه غيرها انتهى وكلام الباجي الذي ذكره ابن عرفة دال على ذلك ونصه في المنتقى وكل لفظ أو إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم بها البيع وسائر العقود انتهى وسيأتي كلامه هذا عند قول المصنف وببعني ص وببعني فيقول بعتك ش هو داخل في حيز المبالغة ويعني أن البيع ينعقد بقول المشتري للبائع يعني سلعتك بكذا إذا قال له البائع بعتك يريد أو صدر منه شيء يدل على الرضا من قول أو فعل ونبه المصنف بهذا على فائدتين الأولى منهما أنه لا يشترط في انعقاد البيع أن يتقدم ما يدل على الإيجاب على ما يدل على الرضا كما يقوله بعض الشافعية والثانية أن المعتبر في الأقوال كونها دالة على الرضا في العرف ولو كانت في أصل اللغة على غير ذلك أو فيها احتمال لذلك ولغيره فإن قول المشتري لمن بيده سلعة بعني سلعتك بعشرة لا يدل صريحا على إيجاب البيع من جهة المشتري لأنه إما آمر للبائع أن يبيعه أو ملتمس منه ذلك ويحتمل أن يكون راضيا به أو غير راض به لكن العرف دال على أن قائل ذلك طالب ومريد للبيع وراض به لأن بعني صريح في أمر المشتري للبائع بالبيع واستدعائه منه وطلبه له وإرادته إياه وحصول مطلوب يصير به مبتاعا فإذا أجابه البائع بحصول مطلوبه فقد تم له ما أراده من وجود البيع وظاهر كلام المصنف أن البيع ينعقد في هذه المسألة ويلزم المشتري إذا أجابه البائع بما يدل على الرضا ولو قال البائع بعد بعتك لا أرضى لأني لم أرد إيجاب البيع ويعد قوله بعد ذلك لا أرضى ندما وليست كمسألة السوم الآتية ولذلك لم يجمعها معها وهذا القول لمالك في كتاب ابن المواز وقاله ابن القاسم وعيسى بن دينار في كتاب ابن مزين واختاره ابن المواز ورجحه وكذا نقله ابن عرفة ورجحه أبو إسحاق التونسي واقتصر عليه الباجي ونصه البيع يفتقر إلى إيجاب وقبول ويلزم بوجودهما بلفظ الماضي وإذا قال بعني فيقول البائع بعتك فحكى أصحابنا العراقيون أنه ينعقد به وقال أبو حنيفة والشافعي لا ينعقد حتى يقول المشتري بعد اشتريت والدليل على ما نقلوه أن كل ما كان إيجابا وقبولا في عقد النكاح كان كذلك في البيع إذا ثبت ذلك فليس للإيجاب والقبول لفظ معين وكل لفظ أو إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود إلا أن في الألفاظ ما هو صريح مثل بعتك بكذا فيقول قبلت أو ابتعت منك فيقول بعت فهذا يلزمهما وأما الألفاظ المحتملة فلا يلزم البيع