فصل في تخصيص النية وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت لما فرغ رحمه الله من الكلام على حد اليمين وصيغتها واليمين الموجب للكفارة وأنواع الكفارة وتكريرها واتحادها أتبعه بالكلام على مقتضيات البر والحنث فذكر من ذلك خمسة أمور الأول النية الثاني البساط الثالث العرف القولي الرابع المقصد اللغوي الخامس المقصد الشرعي وبدأ بالكلام على النية فقال وخصصت نية الحالف الخ يعني أن النية تخصص العام وتقيد المطلق إذا صلح اللفظ لها قال في الجواهر النية تقيد المطلقات وتخصص العمومات إذا صلح لها اللفظ نقله في الذخيرة ومعنى كون اللفظ صالحا لها كما قال ابن عبد السلام أن لا يكون اللفظ صريحا فيما نواه الحالف ولو كان كذلك لما افترق الحكم فيه بين ما يكون الحالف فيه على نية وبين ما لا يكون كذلك بل لا بد أن يكون اللفظ محتملا لما نواه ولغيره انتهى قال القرافي الفرق الثامن والعشرين والمائة اعلم أن الألفاظ نصوص وظواهر فالنصوص لا تقبل المجاز ولا التخصيص والظواهر هي التي تقبلها والنصوص قسمان الأول أسماء الأعداد كالخمسة والعشرة فلا يجوز أن تطلق العشرة وتريد بها التسعة ولا غيرها من مراتب الأعداد فهذا هو المجاز وأما التخصيص فلا يجوز أن تقول رأيت عشرة ثم تبين بعد ذلك مرادك بها وتقول أردت خمسة فإن التخصيص مجاز أيضا لكنه يختص ببقاء بعض المسمى والمجاز قد لا يبقى معه من المسمى شيء كما تقول رأيت إخوتك ثم تقول بعد ذلك أردت بإخوتك نصفهم فهذا تخصيص والمجاز الذي ليس بتخصيص أن تقول أردت بإخوتك مساكنهم فليس المساكن بعض الإخوة فلم يبق من المسمى شيء فالمجاز أعم من التخصيص القسم الثاني من النصوص الألفاظ التي هي مختصة بالله تعالى نحو لفظ الجلالة ولفظ الرحمن فإنه لا يجوز استعمالهما في غير الله ألبتة إجماعا فلو قال والله والرحمن لا فعلت كذا وقال أردت بلفظ الجلالة والرحمن غير الله عز وجل وعبرت بهذا اللفظ عن بعض المخلوقات لله تعالى من باب إطلاق الفاعل على أثره والحلف بالمخلوق لا يلزم به كفارة هل تسقط عنه الكفارة قلت ظاهر كلام العلماء أن هذا تلزمه الكفارة إذا حنث وأن هذين اللفظين لا يجوز استعمالهما في غير الله وما امتنع شرعا فهو كالمعدوم حسا فهذا الامتناع شرعي والامتناع في الأعداد لغوي انتهى وقوله إن نافت أصله نافيت فتحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين كما في ساوت ومعناه أن من شرط النية المخصصة أن تكون منافية أي مخالفة لمقتضى اللفظ بمعنى أن يكون لفظ الحالف يقتضي ثبوت الحكم لصور والنية المخصصة تنفي ذلك الحكم عن تلك الصور قال القرافي في الفرق التاسع والعشرين من شرط المخصص أن يكون منافيا للمخصص ومتى لم تكن النية منافية لم تكن مخصصة وكذلك المخصصات اللفظية إذا لم تكن معارضة لا تكون منافية انتهى وهذا إنما هو في المخصصة لا في المقيدة كما يفهم من كلام المصنف قال في الذخيرة تنبيه سئل الحالف باللفظ العام فإن قال أردت بعض أنواعه لا يلتفت لنيته ويعتبر عموم لفظه لأن هذه النية مؤكدة للفظ في ذلك النوع غير صارفة له عن بقية الأنواع ومن شرط المخصصة أن تكون صارفة فإن أردت إخراج ما عدا هذا النوع حملت يمينه على ما بقي بعد الإخراج ومن شرط النية المخصصة أن تكون منافية لمقتضى اللفظ بخلاف المقيدة وقاله الأئمة وهذا مقام لا يحققه أكثر مفتي العصر انتهى وقال المقري في قواعده إثر نقله لهذا الكلام قلت شرط التخصيص منافاة حكم الخاص للعام وإلا فهو تقييد فإذا قال الله عز وجل حرمت عليكم الميتة والدم فإن قلنا بعمومه يتناول المسفوح وغيره ولا يختص بقوله دما مسفوحا لموافقته له خلافا لأبي ثور وإن قلنا بإطلاقه تقيد فمن ثم جاء القولان في تحريم الدم غير المسفوح انتهى وقال في لباب اللباب القاعدة السابعة الفرق بين النية المؤكدة والمخصصة فالمؤكدة هي الموافقة لمدلول اللفظ