اليمين ربط العقد بالامتناع والترك أو بالإقدام على فعل بمعنى معظم حقيقة أو اعتقادا ويرد بتكرار الترك وخروج الغموس واللغو والتعليق انتهى وقوله بتكرار الترك يعني أن قوله والترك مكرر مع قوله الامتناع واعترضه القرافي أيضا بالغموس وما أشبهها وبأن جميع ما ذكر يتصور بغير لفظ والعرب لا تسمي الساكت حالفا وبأن اليمين قد تكون على فعل الغير فلا يكون هناك إقدام ولا إحجام قال والحق أن يقال هو جملة خبرية وضعا إنشائية معنى متعلقة بمعنى معظم عند المتكلم مؤكدة بجملة أخرى من غير جنسها فقولنا خبرية لأن ذلك صيغتها وقولنا إنشائية لأنها لا تحتمل التصديق والتكذيب وقولنا من غير جنسها احتراز من تكرار القسم فإنه لا يسمى حلفا إلا إذا ذكر المحلوف عليه وبقية القيود ظاهرة وقد خصص الشرع هذا المعنى ببعض موارده وهو أن يكون المعظم ذات الله أو صفاته العلي كما صنع في الصلاة والصوم وغيرهما انتهى وقال في اللباب اليمين هو الحلف بمعظم تأكيدا لدعواه أو لما عزم على فعله أو تركه انتهى وقال في اللباب أيضا وحكمها الجواز إن كانت باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته انتهى وقال ابن حجر في شرح البخاري في كتاب الأيمان في باب أحب الدين إلى الله أدومه فيه جواز الحلف من غير استحلاف وقد يستحب إذاكان فيه تفخيم أمر من أمور الدين أو حث عليه أو تنفير من محذور انتهى وقال في المدخل في فصل الصيام وتكثير الحلف لغير ضرورة من البدع الحادثة بعد السلف رضي الله عنهم بل كان بعضهم يتوقى أن يذكر اسم الله إلا على سبيل الذكر حتى إذا اضطروا في الدعاء إلى من أحسن إليهم بالمكافآت له يقولون جزيت خيرا خوفا على اسم الله انتهى قال في اللباب وحكمة مشروعيتها الحث على الوفاء بالعقد مع ما فيه من المبالغة في التعظيم انتهى تنبيه قول المصنف اليمين تحقيق ما لم يجب يعني أن اليمين هو أن يحقق الحالف شيئا لم يجب أي لم يثبت وهذه العبارة هي الحاوي للشافعية قال بعض شراحه في شرحها أي تحقيق ما لم يتحقق ثبوته وهو ما يحتمل المخالفة والموافقة ماضيا كان أو مستقبلا ممكنا كان أو ممتنعا وقد دخل في قوله ما لم يجب الممكن كقول القائل والله لأدخلن الدار والممتنع نحو والله لأقتلن فلانا الميت وخرج منه الواجب كقوله والله لأموتن وإنما لم يكن ذلك يمينا لأن الواجب متحقق في نفسه فلا معنى لتحققه ولأنه لا يتصور فيه الحنث بخلاف الممكن والممتنع ولذلك رجح عدم انعقاد اليمين فيما لو حلف لا يصعد السماء وانعقاده فيما لو حلف ليقتلن فلانا وهو ميت وقد يفرق بين ما لا يتصور فيه الحنث فيرجع فيه عدم الانعقاد وبين ما لا يتصور فيه البر فيرجع فيه الانعقاد بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل ويهتك الحرمة فيخرج إلى التكفير ويدخل أيضا في تحقيق ما لم يجب الماضي والمستقبل والنفي والإثبات انتهى كلامه وقال في الإرشاد للشافعية أيضا اليمين تحقيق غير ثابت قال مصنفه في التتمة إن اليمين الموجبة للكفارة هي أن يقصد بها تحقيق شيء غير معلوم الثبوت ماضيا كان أو مستقبلا منفيا كان أو مثبتا ممكنا كان أو ممتنعا انتهى وما ذكره شارح الحاوي أشار الشيخ بهرام في شرحه الصغير إلى شيء منه ونصه قوله اليمين تحقيق ما لم يجب أي اليمين الموجبة للكفارة تحقيق ما لم يجب بما ذكر والمراد بتحقيق ما لم يجب تحقيق ما لم يثبت أي يتحقق ثبوته وهو ما يحتمل الموافقة والمخالفة أعني البر والحنث فلو قال والله لأحملن الجبل ووالله لأشربن البحر كان يمينا لأن حمل الجبل وشرب البحر لا يتحقق ثبوته ولو قال والله لا أحمل الجبل ووالله لا أشرب البحر لم يكن يمينا لأن عدم حمله الجبل وشربه البحر متحقق الثبوت ودخل في قولها