لنجاسة إما حكمية أو عينية فالحكمية يكفي فيها ورود الماء على المحل والعينية لا بد من إزالة عينها وقال في موضع آخر النجاسة على قسمين نجاسة كلون الماء وهي البول والمذي ونحوهما فيجب أن يكاثر بالماء خاصة إذ ليس لها عين تزال فكف من ماء على ما ورد في الحديث أكثر من نقطة من مذي ونجاسة تخالف لون الماء فيلزم صب الماء حتى تذهب عينها وقال في الحديث حديث بول الغلام وقوله فنضحه ولم يغسله أي صب عليه الماء بدليل قوله فأتبعه الماء وإنما سقط العرك لأنه لا يحتاج إليه فإن الرجل الكبير لو بال على ثوبه وأتبعه ماء لكان ذلك تطهيرا للمحل كاملا قال في حديث بول الأعرابي في المسجد إذا استقرت النجاسة على الأرض صب عليها من الماء ما يغمرها ويستهلك البول فيها بذهاب رائحته ولونه وتطهر الأرض النجسة بذلك قال الهروي لا تطهر إلا بأن تحفر ويجعل على ظاهرها تراب طاهر وليس الذنوب تقديرا وإنما هو بحسب غلبة الماء وغيره للنجاسة واستهلاكها فيه وإذا بال رجلان في موضع كفى ذنوب واحد وقال الاصطخري لكل رجل ذنوب وهو باطل ولو أهريق على الموضع ماء أو جاء عليه مطهر طهر لأن إزالة النجاسة لا تفتقر لنية انتهى وقالابن فرحون نص القاضي أبو بكر على أن الأرض يكفي في تطهيرها صب الماء عليها فقط والبول وغيره إذا صب عليه الماء متتابعا حتى يتحقق زوال النجاسة أنه يطهر ولا يحتاج إلى عرك ولا عصر وقالابن شعبان في الزاهي وطهور الأرض من البول صب دلو من ماء عليها ومن أصابه نجس وهطل عليه المطر فاغتسل به طهره ذلك ولو كان جنبا انتهى وقالالأبي عن المازري في شرح حديث الأعرابي في شرح قوله فدعا بذنوب من ماء فصب عليه فيه أن النجاسة المائعة دون لزوجة يكفي في تطهيرها صب الماء واتباعه دون ذلك وكما لا يشترط فيه الدلك لا يشترط فيما يغسل به من الماء قدر معين بل ما يغمر النجاسة ويغلب عليها لأن المقصود ذهاب عين النجاسة وإذا زالت بصب الماء دون غيره لم تفتقر إلى الدلك وهذا فيما لا يظهر له عين بعد صب الماء كالبول وحده بعضهم بأن يكون الماء سبعة أمثال البول فلا يشترط في الماء أن يقطر بعد صبه عليها إلى الأرض بل إذا صب الماء وغمر النجاسة استهلكت وذهب حكمها فإن اندفعت الغسالة إلى موضع آخر من أرض أو بدن أو ثوب أو خرجت من الحصير إلى الأرض التي تحتها فيشترط في طهارة ما اندفعت إليه أن تكون الغسالة المندفعة غير متغيرة لأن المتغيرة نجسة فإن اندفعت متغيرة صب عليها حتى تندفع غير متغيرة انتهى وقالسند رحمه الله تعالى في كتاب الحج في غسل ثوب المحرم فإن كانت النجاسة لا تفتقر إلى حت وعرك كالبول والماء النجس فإنه يواصل صب الماء ويتواصل ويتلطف في غسل ذلك انتهى وذكرابن فرحون عن الشيخ تقي الدين عن بعض المتأخرين أن النجاسة العينية لا يكفي إجراء الماء عليها ولا بد من محاولة إزالة أوصافها الثلاثة الطعم واللون والريح وأما وجد منها انتهى فعلم منه أن الحكمية هي التي لا طعم لها ولا لون ولا ريح كالبول إذا جف وطال أمره والعينية نقيض الحكمية وبهذا فسرهما الشافعية والحاصل مما تقدم أن المقصود إزالة النجاسة فالتي يمكن زوالها بالماء كالبول والماء المتنجس أو بمكاثرة صب الماء كالمذي والودي لا يحتاج إلى عرك ودلك وما لا يزال إلا بالعرك والدلك فلا بد له من ذلك وهذا معنى قوله في الجواهر ولا يكفي مرور الماء على المحل بل لا بد من إزالتها عنه بإذهاب العين والأثر انتهى لأن معناه أن مرور الماء لا يكفي في كل نجاسة بل المقصود إزالة عينها وأثرها فيعتبر في كل نجاسة ما يزيل ذلك وسيأتي في الكلام على النية في النضح عن ابن عرفة أن حكم إزالة النجاسة ورود الماء عليها والله تعالى أعلم وقوله بلا نية يعني به أن إزالة النجاسة لا يشترط فيها النية هذا هو المعروف