في التكبير والتحميد والتهليل وامض إلى الموقف بعرفة فاستند إلى الهضاب من سفج الجبل حيث يقف الإمام أفضل ذلك وحيث ما وقفت من عرفة أجزأك انتهى وكان الإمام في ذلك الزمان يقف هناك وأما في هذا الزمان فيقف على موضع مرتفع آخر جبل الرحمة وتحصل أيضا من كلام النوادر أن مذهب مالك في كتاب ابن المواز ليس في ذلك موضع له فضل على غيره إذا وقف حيث يقف الناس وأنه لا يقف على جبل عرفة ولا يبعد عن محل وقوف الناس ونحوه ما حكاه أشهب هذا الذي تلخص من كلامه في النوادر وقال في الجلاب وليس لموضع من عرفة فضيلة على غيره والاختيار الوقوف مع الناس ويكره الوقوف على جبال عرفة انتهى وظاهره متدافع إلا أن يحمل قوليه ليس لموضع من عرفة فضيلة أي من الموضع الذي يقف فيه الناس فيكون حينئذ موافقا لما في كتاب ابن المواز ويزول عنه التدافع والله أعلم تنبيهات الأول قال ابن معلى بعد أن ذكر كلام ابن الجلاب وقد اعترض على قوله ليس لموضع من عرفة فضيلة على غيره لأن العلماء استحبوا الوقوف حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهذا الموقف عند الصخرات الكبار المفروشة في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي توسط أرض عرفة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف هناك على ما في صحيح مسلم وقد نص حذاق المذهب على استحباب هذا الموضع للوقوف فينبغي الاعتناء بالمحافظة عليه والاهتمام بالقصد إليه تبركا بآثاره صلى الله عليه وسلم انتهى وقال التادلي قال عياض في الإكمال واستحب العلماء الوقوف بموضع وقوف النبي صلى الله عليه وسلم لمن قدر عليه انتهى ونص كلامه في الإكمال في شرح قوله حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصوى إلى الصخرات وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة فيه أن السنة الوقوف على هذه الهيئة واستحبوا هذا الموضع ثم قال وقوله وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف تعريف بتوسعة الأمر على أمته وبيان لهم واستحب العلماء الوقوف بموضع وقوف النبي صلى الله عليه وسلم لمن قدر عليه انتهى وما قاله في الإكمال ونقله التادلي عنه وذكره ابن معلى هو الذي قاله ابن حبيب وظاهر كلام مالك في الموازية خلافه ولهذا قال ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير وأفضل المواقف في قول غير المالكية عند الصخرات الكبار المفروشة في طرف الروابي الصغار التي عند ذيل الجبل الذي بوسط عرفات وهو الجبل المسمى بجبل الرحمة ثم قال ومشهور مذهب مالك أن ليس لموضع من عرفة فضيلة على غيره وإنما يكره الوقوف على جبال عرفة ويقف مع عامة الناس انتهى قلت والظاهر أن قول مالك ليس بمخالف لقول ابن حبيب وأن معنى قول مالك ليس في موضع من ذلك فضل أي أنه لم يرد في ذلك حديث يقتضي فضل موضع من المواضع على غيره وذلك لا ينافي استحباب القرب من محل وقوفه صلى الله عليه وسلم تبركا به فيتحصل من هذا أن الوقوف على جبال عرفة مكروه ومثله البعد عن محل وقوف الناس والمستحب أن يقف في محل وقوف الناس والقرب من الهضاب حيث يقف الإمام أفضل والهضاب بكسر الهاء جمع هضبة على وزن تمرة قال في القاموس والهضبة الجبل المنبسط على الأرض أو جبل خلق من صخرة واحدة أو الجبل الطويل الممتنع المنفرد ولا يكون إلا في حجر الجبل انتهى قلت والظاهر أن المراد بها في كلام ابن حبيب المعنى الأول فإن الظاهر أنه أراد بالصخرات المفروشة عند جبل الرحمة ويقال لجبل الرحمة إلال على وزن هلال وقيل بفتح الهمزة الثاني قال ابن جماعة الشافعي وقد اجتهد والدي تعمده الله برحمته في تعيين موقف النبي صلى الله