ومنهم من أوجب الاستنشاق وحده لأنه عليه السلام أمر به والأمر للوجوب وإنما فعل المضمضة وفعله على الندب السنة الثالثة الاستنشاق وهو غسل داخل الأنف فأما ما يبدو منه فهو من الوجه فيجذب الماء بريح الأنف وأنكر مالك رحمه الله في المجموعة الاستنشاق من غير وضع إبهامه وسباته على أنفه وقال هكذا يفعل الحمار والأصل في ذلك ما في الموطأ أنه عليه السلام قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ومن استجمر فليوتر ولا تجب هي ولا المضمضة في الطهارتين لأنهما من باطن الجسد كداخل الأذنين وموضع الثيوبة من المرأة وداخل العينين وهذه المواضع لا يجب غسلها ولا مسحها فكذلك هاتان لا يتناولهما من يغتسل للجنابة ولا للوضوء وتحمل السنة الواردة فيهما على الندب قياسا على نظائرهما في عدم الوجوب ولقوله عليه السلام للأعرابي المسيء لصلاته إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله خرجه النسائي وليس في الآية ذكرهما وفي أبي داود لا تتم صلاة أحدكم حتى يتوضأ كما أمره الله تعالى قال صاحب الطراز وأما استدلال الحنفية بأن الفم في حكم الظاهر بدليل وجوب تطهيره من النجاسة وإذا وصل القئ إليه أفطر فمدفوع بعدم وجوب تطهير داخل الأذنين وداخل العينين إذا اكتحل بمراة خنزير ونحوه وبالقئ إذا استدعاه ووصل إلى خياشيمه ولم ينزل إلى أنفه حتى غربت الشمس أو وصل إلى فمه فلم يمتلئ فإنه لا ينقض الوضوء عندهم إلا بالامتلاء حتى يسيل بنفسه ولو كان غير طاهر لنقض يسيره وكثيره أصله الدم في غير الفم عندهم وببلع الريق أيضا فإنه لا يفطر وهو لو بلعه