وتفتتت فيه نجاسة كفأرة تمعط شعرها بحيث يغلب على الظن أنه لا تخلو دلو عن شعره فإن لم يتغير فهو طهور كما كان لكن يتعذر استعماله فالطريق إلى ذلك أن يستقى الماء كله ليذهب الشعر معه فإن كانت العين فوارة وتعذر نزح الجميع فلينزح ما يغلب على الظن أن الشعر خرج كله وفسر إمام الحرمين هذا بأن يتابع الدلاء بحيث لا تسكن حركة ماء البئر بالدلو الأولى حتى تلحقها الثانية ثم هكذا في كل دلو حتى ينزح مثل الماء الذي كان في البئر مرة قال والاستظهار عندي أن ينزح مثله مرارا وإذا أخذ من هذه البئر بعد الاستقاء المذكور شيئا فهو طاهر لأنه غير مستيقن النجاسة ولا مظنونها ولا يضر احتمال بقاء الشعر فإن تحقق بعد ذلك شعرا حكم به فلو أخذ قبل النزح دلوا فنظر فلم ير فيها شعرا فهو طهور قطعا فلو لم ينظر وغلب على ظنه أنه لا ينفك عن شعر ففي طهارته القولان في تقابل الأصل والظاهر هكذا ذكره إمام الحرمين وهو كلام حسن هذا كله تفريع على المذهب وهو أن الشعر نجس فإن قلنا طاهر فالماء على طهارته صرح به الرافعي وغيره ونقل عن الغزالي أنه أجرى في تدريسه للوسيط هذا الحكم مع القول بطهارة الشعر قال لأن الشعر يتمعط ملتصقا به شيء من جلد الفأرة ولحمها وذلك نجس وهذا النقل إن صح عنه متروك لأنه توهم منجس والأصل عدمه والله أعلم هذا تفصيل مذهبنا وحكى ابن المنذر وغيره خلافا منتشرا للعلماء في البئر إذا وقعت فيها نجاسة لم تغيرها فقال مالك وموافقوه في أن الماء لا ينجس إلا بالتغير هو طاهر يجوز استعماله وقال وعن علي بن أبي طالب وابن الزبير ينزحها حتى تغلبهم وعن الحسن والثوري ينزحها كلها وقال الشعبي والأوزاعي وأبو حنيفة وغيرهم ينزح منها دلاء مخصوصة واختلفوا في عددها واختلافها باختلاف النجاسة ولا أصل لشيء من ذلك فالصواب ما قدمناه من مذهبنا ومذهب مالك والله أعلم