الدلو وهي نجسة تنجس ما في الدلو فصار الجميع نجسا فطريقه بعد هذا إلى طهارته أن يصبه في الباقي أو يغمسه غمسة واحدة حتى يغمره الماء ويمكث لحظة وهو واسع الرأس فيطهر الجميع فإذا فصل الدلو كان باطنه وما فيه طاهرا ويكون الباقي وظاهر الدلو نجسا لما سبق أما إذا أراد استعمال ما يبقى بعد الغرف فينظر إن أخذها وحدها في الدلو فالباقي قلتان فهو طاهر بلا خلاف وأبو إسحاق يوافق على هذا لأنه قلتان وليس فيه نجاسة وإن أخذ النجاسة مع شيء من الماء فإن أخذه دفعة واحدة فباطن الدلو وما فيه نجس وظاهره وما بقي طاهر أما نجاسة باطن الدلو وما فيه فلكونه ماء يسيرا فيه نجاسة وأما طهارة الباقي فلانفصال النجاسة عنه قبل نقصه عن قلتين فبقي على طهارته قال أصحابنا فإن قطر من الدلو إلى الماء الباقي قطرة نظر إن كانت من ظاهر الدلو فالباقي على طهارته لأن ظاهر الدلو طاهر وإن كانت من باطنه صار الباقي نجسا وإن شك فالباقي على طهارته ذكره الماوردي وغيره وهو واضح فإن تنجس الباقي وأراد تطهيره فطريقه أن يصبه فيه أو يرد الدلو ويغمسه فيه على ما سبق قال أصحابنا ويستحب له أن يخرج النجاسة أولا ثم يغمس الدلو ليكون طهورا بلا خلاف ويخرج من خلاف أبي إسحاق ومن مراعاة هذه الدقائق وكذلك يستحب له في مسألة التباعد أيضا ولو اختطف النجاسة أولا ثم نزل عليها من الماء شيء فباطن الدلو وما فيه من الماء نجس وظاهره طاهر وكذا الباقي من الماء وهذه الصورة في النقص عن قلتين محمولة على نقص يؤثر سواء قلنا القلتان خمسمائة تحديدا أو تقريبا وفي الدلو لغتان التأنيث والتذكير والتأنيث أفصح وإنما ذكرت هذا هنا لئلا ينكر استعمالنا لها مذكرة من لا معرفة له والله أعلم وأما المسألة الرابعة وهي إذا وقع في قلتين أو أكثر نجاسة ذائبة ففيها الوجهان اللذان ذكرهما المصنف الصحيح منهما باتفاق الأصحاب جواز استعمال جميعه والثاني يجب تبقية قدر النجاسة ولم يسم الجمهور قائل هذا الوجه وسماه الدارمي فقال حكاه ابن القطان عن ابن ميمون قال أصحابنا هذا الوجه غلط وأبطلوه بما أبطله به المصنف قالوا لأنا نقطع بأن الباقي ليس عين النجاسة فلا فائدة في تركه بل إن وجب ترك شيء وجب ترك الجميع فلما اتفقوا على أنه لا يجب ترك الجميع وجب أن يقال يستعمل الجميع لأن النجاسة استهلكت وصورة المسألة أن تكون النجاسة الذائبة قليلة لم تغير الماء مع مخالفتها له في صفاته أو كانت موافقة له في صفاته وكانت بحيث لو قدرت مخالفة له لم تغيره وقد تقدم بيان هذا في آخر الباب الأول والله أعلم فرع إن قيل ما الفائدة في حكاية المصنف مذهب أبي إسحاق فينا إذا كان الماء قلتين فقط ونحن قد عرفنا مذهبه من المسألة الأولى فإنه اشترط التباعد عن النجاسة بقلتين