قال المصنف رحمه الله تعالى وإن توحشى أهلي أو ند بعير أو تردى في بئر فلم يقدر على ذكاته في حلقه فذكاته حيث يصاب من بدنه لما روى رافع بن خديج قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة وقد أصاب القوم غنما وإبلا فند منها بعير فرمى بسهم فحبسه الله به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا وقال ابن عباس رضي الله عنه ما اعجزك من البهائم فهو بمنزلة الصيد ولأنه يتعذر ذكاته في الحلق فصار كالصيد وإن تأنس الصيد فذكاته ذكاة الأهلي كما أن الأهلي إذا توحش فذكاته ذكاة الوحش الشرح حديث رافع رواه البخاري ومسلم والأثر المذكور عن ابن عباس صحيح رواه البيهقي بإسناده وذكره البخاري في صحيحه تعليقا بصيغة الجزم فهو صحيح عنده وقوله ند هو بفتح النون وتشديد الدال أي هرب والأوابد بفتح الهمزة وبالباء الموحدة وهي النفور والتوحش جمع آبدة بالمد وكسر الباء ويقال أبدت بفتح الباء والتخفيف يأبد ويأبد بكسر الباء وضمها وتأبدت أي توحشت ونفرت من الإنس أما الأحكام فقال أصحابنا الحيوان المأكول الذي لا تحل ميتته ضربان مقدورعلى ذبحه ومتوحش فالمقدور عليه لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة كما سبق وهذا مجمع عليه وسواء في هذا الإنسي والوحشي إذا قدر على ذبحه بأن أمسك الصيد أو كان متوحشا فلا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة لما ذكره المصنف وأما المتوحش كالصيد فجميع أجزائه مذبح ما دام متوحشا فإذا رماه بسهم أو أرسل عليه جارحة فأصاب شيئا من بدنه ومات به حل بالإجماع ولو توحش إنسي بأن ند بعير أو بقرة أو فرس أو شردت شاة أو غيرها فهو كالصيد يحل بالرمي إلى غير مذبحه وبإرسال الكلب من الجوارح عليه وهذا بلا خلاف عندنا لما ذكره المصنف ولو تردى بعير أو غيره في بئر ولم يمكن قطع حلقومه فهو كالبعير الناد في حله بالرمي بلا خلاف وفي حله بإرسال الكلب وجهان حكاهما الماوردي والروياني والشاشي وغيرهم أصحهما عندهم في الحاوي والبحر والمستظهري التحريم واختار البصريون الحل والأول أرجح والله تعالى أعلم قال أصحابنا