لصحة الأحاديث السابقة فيه وعدم المعارض الصحيح لها وقد سبق في كلام المصنف وكلامنا إيضاح دليل الجميع ومن قال بالإباحة يتأول كلام ابن عباس والأحاديث لو صحت في النهي على التنزيه ومن قال بالتحريم يتأول أحاديث الإباحة على ما إذا انتهى بالجراحة إلى حركة المذبوح وهو تأويل ضعيف قال أصحابنا وتسمى هذه المسألة مسألة الإيماء والله أعلم فرع في مذاهب العلماء فيمن جرح الصيد بسهم أو كلب فغاب عنه ثم وجده ميتا فقد ذكرنا أن المشهور من مذهبنا تحريمه وبه قال داود وقال أصحاب أبي حنيفة إذا توارى عنه الصيد والكلب وهو في طلبه فوجده قد قتله حل أكله وإن ترك الطلب واشتغل بعمل غيره كرهنا أكله وقال مالك إن أدركه من يومه أكله في الكلب والسهم إذا كان فيه أثر جارحة وإن غابت عنه لم يؤكل وعن أحمد ثلاث روايات إحداها يؤكل والثاني يؤكل ما لم يبت عنه والثالث إن كانت الإصابة موحية حل وإلا فلا فرع إذا رمى الصيد فقده قطعتين فمات فجميعه حلال سواء كانت القطعتان سواء أو متفاوتين وبه قال داود وهو الأصح عن أحمد وقال أبو حنيفة إن كانتا سواء أو كانت التي مع الرأس أقل حل جميعه وإن كانت التي مع الرأس أكبر حلت وحرمت الأخرى وقال مالك إذا قطع وسطه أو ضرب عنقه حل جميعه وإن قطع فخذه حرمت الفخذ وحل الباقي دليلنا أن ما كان ذكاة لبعضه كان ذكاة لكله كموضع الاتفاق قال المصنف رحمه الله تعالى وإن نصب احبولة وفيها حديدة فوقع فيها صيد فقتلته الحديدة لم يحل لأنه مات بغير فعل من جهة أحد فلم يحل الشرح قال الشافعي رحمه الله ولا يؤكل ما قتلته الأحبولة كان فيها سلاح أو لم يكن قال أصحابنا الأحبولة بفتح الهمزة هو ما ينصب للصيد فيعلق به من حبل أو شبكة أو شرك ويقال لها أيضا حبالة بكسر الحاء جمعها حبائل فإذا وقع في الأحبولة صيد فما لم يحل أكله بلا خلاف لأنه لم يذكه أحد وإنما مات بفعل نفسه ولم يوجد من الصائد إلا سبب فهو كمن نصب سكينا فربضت عليها شاة فقطعت حلقها فإنها حرام قطعا ولو كان رأس الحبل الذي في الأحبولة في يده فجره ومات به الصيد فحرام أيضا لأنه من جملة المنخنقة والله أعلم