والمسألة الثالثة إذا نوى عند غسل الكف أو المضمضة أو الاستنشاق وعزبت نيته قبل غسل شيء من الوجه ففيه ثلاثة أوجه مشهورة للخراسانيين وذكرها من العراقيين الماوردي وغيره أحدها يجزيه ويصح وضوؤه قاله أبو حفص بن الوكيل والثاني لا يجزيه قاله أبو العباس بن سريج والثالث إن عزبت عند الكف لا يجزيه وإن عزبت عند المضمضة أو الاستنشاق ويجزيه ودليلها ما ذكر المصنف واتفق الجمهور على أن الأصح أنه لا يصح وضوؤه وقطع به جماعة من أصحاب المختصرات وشذ عنهم الفوراني فصحح الصحة ولو نوى عند التسمية أو الاستنجاء ثم عزبت نيته قبل غسل الكف قطع الجمهور بأنه لا يجزيه وحكى الفوراني وصاحبا العدة والبيان فيه وجها أنه يجزيه وليس بشيء وهذا الذي ذكرناه من الخلاف في المضمضة والاستنشاق هو فيما إذا لم ينغسل معهما شيء من الوجه بأن تمضمض من أنبوبة إبريق ونحوه وأما إذا انغسل معهما شيء من الوجه كبعض الشفة ونحوها كما هو الغالب ففيه طريقان قطع جمهور العراقيين بأنه يصح وضوؤه وممن صرح به الشيخ أبو حامد وأصحابه الثلاثة القاضي أبو الطيب في تعليقه والماوردي والمحاملي في كتابيه المجموع والتجريد والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم وحكى صاحبا التتمة والعدة وغيرهما وجهين أحدهما هذا والثاني أنه كما لو لم يغسل شيئا من الوجه فيكون فيه الخلاف السابق وقال صاحب البيان إن غسل ذلك الجزء بنية الوجه أجزأه قطعا وإلا ففيه الوجهان كما قال صاحبا التتمة والعدة وانفرد البغوي فقال الصحيح أنه لا يجزيه وإن انغسل شيء من الوجه لأنه لم يغسله عن الوجه بدليل أنه لا يجزيه عن الوجه بل يجب غسله ثانيا وهذا قوي ولكن خالفه صاحب التتمة فقال يجزيه غسل ذلك المغسول من الوجه ولا تجب إعادته إذا صححنا النية وإن كان نوى به السنة قال وهذا على طريقة من يقول يتأدى الفرض بنية النفل وهذه القاعدة فيها خلاف وتفصيل سنذكره إن شاء الله تعالى في باب سجود السهو حيث ذكرها المصنف والأصحاب وأشار الغزالي في البسيط إلى نحو هذا الذي في التتمة والله أعلم فرع قول المصنف لأنه فعل راتب في الوضوء لم يتقدمه فرض احترز بقوله فعل عن التسمية وبقوله راتب في الوضوء من الاستنجاء وبقوله لم يتقدمه فرض من غسل الذراعين وقوله نوى عند غسل الوجه يقال عند وعند وعند بكسر العين وفتحها وضمها ثلاث لغات حكاها ابن السكيت وغيره أشهرهن الكسر وبها جاء القرآن وقوله عزبت أي