الله تعالى قال أصحابنا الخلطة ضربان أحدهما أن يكون المال مشتركا مشاعا بينهما والثاني أن يكون لكل واحد منهما ماشية متميزة ولا اشتراك بينهما لكنهما متجاوران مختلطان في المراح والمسرح والمرعى وسائر الشروط المذكورة وتسمى الأولى خلطة شيوع وخلطة اشتراك وخلطة أعيان والثانية خلطة أوصاف وخلطة جوار وكل واحدة من الخلطتين تؤثر في الزكاة ويصير مال الشخصين أو الأشخاص كمال الواحد ثم قد يكون أثرها في وجوب أصل الزكاة وقد يكون في تكثيرها وقد يكون في تقليلها مثال الإيجاب رجلان لكل واحد عشرون شاة يجب بالخلطة شاة ولو انفردا لم يجب شيء ومثال التكثير خلط مائة شاة بمثلها يجب على كل واحد شاة ونصف ولو انفردا وجب على كل واحد شاة فقط أو خلط خمسا وخمسين بقرة مثلها يجب على كل واحد مسنة ونصف تبيع ولو انفردا لزمه مسنة فقط أو خلط مائة وعشرين من الإبل بمثلها يجب على كل واحد ثلاث بنات لبون ولو انفرد لزمه حقتان ومثال التقليل ثلاثة رجال لكل واحد أربعون خلطوها يجب على كل واحد ثلث شاة ولو انفرد لزمه شاة كاملة ونقل الرافعي عن الحناطي أنه حكى وجها غريبا أن خلطة الجوار لا أثر لها قال وليس بشيء وهذا الوجه غلط صريح وقد نقل الشيخ أبو حامد في تعليقه إجماع المسلمين على أنه لا فرق بين الخلطتين في الإيجاب وإنما اختلفوا في الأخذ وبمذهبنا في تأثير الخلطتين قال عطاء بن أبي رباح والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق وداود وقال أبو حنيفة لا تأثير للخلطتين مطلقا ويبقى المال على حكم الانفراد وقال مالك والثوري وأبو ثور و ابن المنذر إن كان مال كل واحد نصابا فصاعدا أثرت الخلطة وإلا فلا دليلنا الأحاديث الصحيحة المطلقة في الخلطة والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع ين مفترق خشية الصدقة فهو نهي للساعي وللملاك عن التفريق وعن الجمع فنهى الملاك عن التفريق وعن الجمع خشية وجود الصدقة أو خشية كثرتها ونهى الساعي عنهما خشية سقوطها أو قلتها مثال التفريق من جهة الملاك أن يكون لرجلين أو رجال أربعون شاة مختلطة فواجبهم شاة مقسطة عليهم فليس لهم تفريق الماشية بعد الحول عند قدوم الساعي لتسقط الزكاة في الظاهر