يمينين وأنه يجوز أن يطعم في إحداهما ويكسو في الأخرى بلا خلاف وأما المائتان فالتفريق فيها كتفريق كفارة واحدة وأجابوا بجواب آخر وهو إن منع التفريق في المائتين ليس هو لمجرد التفريق بل المانع تشقيص ولهذا لو أخرج حقتين وثلاث بنات لبون أو أربع بنات لبون وحقة جاز بالاتفاق وقد زاد خيرا لأن ذلك يجزىء عما فوق مائتين فعن مائتين أولى ويجري خلاف الاصطخري متى بلغ المال ما يخرج منه بنات اللبون والحقاق فلا تشقيص والمذهب الجواز ويجري مثله في البقر إذا بلغت مائتين وأربعين فإن قيل ذكرتم أن الساعي يأخذ الأغبط ويلزم من هذا أن يكون أغبط الصنفين هو المخرج وكيف يجوز البعض من هذا والبعض من ذاك قال الرافعي الجواب ما أجاب به ابن الصباغ قال يجوز أن يكون لهم حظ ومصلحة في اجتماع النوعين قال وفي هذا تصريح من ابن الصباغ بأن الغبطة غير منحصرة في زيادة القيمة لكن إذا كان التفاوت لا من جهة القيمة يتعذر إخراج قدر التفاوت هذا كلام الرافعي ويجاب عن اعتراضه على ابن الصباغ بأن التفاوت في معظم الأحوال يكون في القيمة وقد يكون في غير القيمة وقد قال ابن الصباغ والمتولي أن الساعي لا يفعل التبعيض إلا على قدر المصلحة إذا قلنا بالمذهب والمنصوص وهو وجوب الأغبط للمساكين فأما على قول ابن سريج أن الخيار للمالك فصورة المسألة ظاهرة والله تعالى أعلم فرع في ألفاظ الكتاب قوله لما روى سالم في نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون هذا الحديث رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما في بعض طرق حديث ابن عمر السابق في أول الباب ولفظه في الإبل فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت أخذت وسالم وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وروى هذا الحديث عن أبيه ولكن هذه الزيادة المذكورة لم يذكر سالم سماعه لها من أبيه ولكن قرأها من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله اختار المصدق أنفعهما للمساكين قد سبق أن المصدق بتخفيف الصاد هو الساعي وهو المراد هنا وأما لفظ المساكين فيستعمله المصنف والأصحاب في هذا الموضع ونظائره ويريدون به أصحاب السهمان كلهم وهم الأصناف الثمانية ولا يريدون به المساكين الذين هم أحد الأصناف وكذلك يطلقون الفقراء في مثل هذا ويريدون به جميع الأصناف وذلك لكون الفقراء والمساكين أشهر الأصناف وأهمهم والله تعالى أعلم